ابتعاد الزوجين .. جفوة بين قلبين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 7 محرم 1424 هـ الموافق 10 مارس 2003 تضطر ظروف بعض الأزواج للابتعاد عن أسرهم لفترات طويلة ربما تصل إلى سنوات بغرض العمل أو الدراسة، وقد يكون سبب البعد مشكلات اجتماعية أو سلوكية تخص الزوجين أو رغبة في إعادة دراسة كل منهما للآخر، وتحديد بعض المفاهيم ادراكاً للتقصير والسلبيات وعملاً على التخلص من تلك المشكلات، وقد تطول المدة وتزيد الشقة وتتوسع المسافة بينهما وهذا قد يترك آثاراً نفسية واجتماعية سلبية على الأسرة وخاصة الزوجة، فبالنسبة لها البعد الزمني والجغرافي للزوج يفقد حياتهما الزوجية الحميمية التي ترغب فيهاكل الزوجات المحبات لأزواجهن وهذه الحميمية هي تلك العلاقة الخاصة التي تكون بين الزوج وزوجته والتي تتمثل في الحديث اليومي لهما ومناقشة أدق الأسرار بتفاصيلها سواء بالنسبة للأولاد أو التي تخص علاقتهما الزوجية وهذه العلاقة قد تتعرض للخطر في حال لم تدرس قضية الابتعاد بشكل دقيق وحذر كيلا يعتاد الطرفان البعاد وتقسو القلوب. وللوقوف على مشكلة بعد الزوج عن زوجته، سلبياتها وإيجابياتها كان لـ «دينا الناس» هذا التحقيق.حميدة شعبان ـ مدرسة ـ تقول: ان من أصعب الأمور التي تواجه الزوجين في حياتها فراقهما عن بعضهما أياً كان نوع الفراق وإن كان أصعب ذلك الذي يكون من جراء مخاصمة أو مشكلات تراكمية أثرت في نفسية كلا الزوجين فاعتقد أن الحل في الفراق، ولغياب الزوج عن الأسرة مساوئ ومضار تطال كل فرد من أفراد العائلة ويكون النصيب الأكبر للزوجة حيث تتحمل مشقة ليست بالقليلة فهي ستضطر لأن تلعب دورها ودور زوجها وإذا فشلت بهذه المهمة ستكون العاقبة وخيمة، ومن الطبيعي ان تفشل حيث اننا في هذه الأيام نرى الكثير من الأسر منهارة بالرغم من وجود الآباء والأمهات فكيف سيكون الحال في ظل غياب الراعي الأول وكيف ستتحقق مسألة الرعاية للأولاد والتحصن والتعفف للزوج والزوجة على حد سواء إذا كان الزوج غائباً؟ يولد الشك عبدالرحمن آل علي ـ مدرس ـ يقول: لقد حمل الرجل مسئولية كبيرة وهي رعاية الأسرة والقوامة فدور الرجل في القيام بواجبات أسرته كبير جداً وهذا الدور يقتضي وجوده الدائم كي يطلع على كل شيء ويعالج الأخطاء ويوجه الصغار من أولاده فهو سند وحماية وقاعدة لهذا البيت وبعض الرجال لأسباب ما يلقون هذا الحمل على زوجاتهم ويغادرون دون أية مبالاة فتراهم يهربون متعللين بعدم قدرتهم على تحمل المسئولية وبعضهم يغادر طلباً لتحسين نمط المعيشة، وقد يحدث ذلك بموافقة زوجاتهم والآخر بدون موافقتهن غير أن السبب الرئيسي في هذا الرحيل هي المشكلات الخاصة بين الزوجين فيجد الزوج المخرج له من تلك المشكلات في الهروب ولايظهر نيته في المدة التي سيغيبها بينما لا تدرك الزوجة ان مسئولية صعبة ستقع عليها فغياب الزوج عن زوجته فيه حرمان من الحنان ومن الحقوق الزوجية المتوجبة على الطرفين فالجوع العاطفي له تأثير سلبي على شخصية الانسان اكثر من سلبيات أي شيء آخر. ويؤكد عبدالرحمن أن غياب الرجل عن أسرته أسوأ من كون الرجل ميتاً وبالنسبة للزوجة فهذا موضوع مهم، حيث ان من واجبه ـ أي الزوج ـ القيام بحقوق الزوجية على أكمل وجه، ولو نظرنا في حال عودة الرجل إلى أهله بعد غياب سنتين أو ثلاث سنوات فسنرى أن كلا الزوجين أصبحا عصبيين لا يطيقان سماع كلمة واحدة وتراهما كثيراً ما يفشلان في اعادة بناء حياة زوجية جديدة فيما بينهما لأن فترة الانقطاع هذه ولدت لدى الزوجة نوعاً من الشك في الرجل بحبه لها واشتياقه وغير ذلك وتقول في نفسها لو كان يحبني لمااستطاع الابتعاد عني كل هذه المدة وتبدأ الشكوك والظنون تدور في فكر المرأة وهذا ما يترجم عدم تقبل أحد الطرفين للآخر بعد غياب طويل، وقد يظهر نمط آخر وهو أن كلا الزوجين يكونان بحالة شوق كبير لبعضهما وعندما يلتقيان يشعر كل منهما بأن الواقع غير ما كانا يتوقعان وتبدأ علاقتهما مع بعضهما تبرد شيئاً فشيئاً حتى يصلا إلى طريق مسدود تتمنى فيه الزوجة رجوع زوجها إلى غربته ويتمنى الزوج لو أنه لم يأت أصلاً. ويضيف: نصيحتي لكل مغترب متزوج أو مهاجر لزوجته ألاتطول فترة غربته كثيراً ويحاول زيارة أهله بين الفترة والأخرى، على ألا تزيد على ستة أشهر ويحاول أن ينهي هذه العزلة وهذا البعد بأقرب وقت فالأيام التي تذهب لا تعود. تجربة مريرة أم سالم الهاشمي ـ موظفة ـ تقول: ان الظروف القاسية التي تمر بها المرأة في حياتها كثيرة ومن أصعبها بعدها عن زوجها لفترة طويلة تتجاوز السنة مثلاً فهو أمر صعب لابتعادها عنه نفسيا ومكانياً خاصة إذا كان لدى الزوجين أولاد كثر، فتتضاعف المشكلة لدى المرأة وتزيد الاعباء عليها وهذا يصعب مهمتها في الحياة ويزيد من آلامها وتبدأ الأسئلة التي تواجهها تكثر كيف ستربي الأولاد؟ كيف ستصرف عليهم؟ من سيسد الفراغ عندها وعندهم؟ هذه الأسئلة تحمل معاني عميقة، ينبغي معرفتها لتخفيف الألم قدر الامكان على النساء اللاتي يعشن في عزلة عن أزواجهن ولا يعرفن كيف يتدبرن أمورهن وبخصوص خبرتي فلدي تجربة مريرة في هذا الشأن حيث سافر زوجي بغية العمل وتركني أنا والأولاد مدة تجاوزت أربع سنوات مرة واحدة دون زيارتنا أو رؤيته خلال تلك الفترة وكانت لديه مبرراته وظروفه الصعبة التي مر بها والحمد لله تجاوزنا هذه المحنة وتعلمت منها الكثير الذي يجعلني في البداية أستغني عن أي شيء في الحياة وأهيئ نفسي لذلك في أي وقت كان، فالانسان عندما يكون متعلقاً بشيء ما رجلاً كان أو مالا أو أي شيء ويتركه فجأة دون التهيؤ لذلك، قد يصاب بصدمة أو ألم أما إذا كان مهيأ نفسياً لذلك وحاسباً لجميع أموره فسيكون وقع تلك المشكلة عليه أبسط ولا أقول أنه لن يتألم أو يتعب بل أقول أنه سيستطيع تطويق تلك المشكلة أو ادراك الطريقة المثلى التي يجب أن يحل بها مشكلته ويتخلص منها وهذه نقطة جوهرية ينبغي على كل امرأة معرفتها، ولذا أقول لها: هيئي نفسك لوقوع أي أمر وأية مصيبة وخططي في حال وقوع كذا أن تسألي نفسك ماذا ستفعلين، لذا استشيري أهل الاختصاص في ذلك لكي تسلمي من الأضرار وتخرجي منها بأقل الخسائر. وتضيف أم سالم: اعتقد أن البعد والفرقة لا يزيدان الشوق أو المحبة بقدر ما تزيدان القسوة والتشبث بالرأي والعناد وبعد ذلك يبدأ كل طرف بنسيان الآخر وعدم الاهتمام بأخباره حتى تقسو القلوب وتتحجر وهنا تكمن المشكلة ألا وهي التعود على هذا الجو وعدم محاولة استرجاع المشاعر الحميمة السابقة ولكن يجب أن نعرف أن الحياة فيها الجيد وفيها السيئ ونحن الوحيدون القادرون على اختيار ما نريد فليكن الاختيار جيداً. موافقة الزوجة مهمة جميل فيصل الطويل باحث اجتماعي يقول: لكل أسرة ظروفها الخاصة ولأسباب عديدة وطلبا للرزق انتشرت ظاهرة غياب الزوج عن منزله، فكثير من الاباء يضطرون للارتباط بأكثر من عمل علهم يسدون متطلبات الحياة الصعبة ولذلك انتقلت المسئولية لتقع على عاتق الأم.. ولقد عرف غياب الآباء عن أهلهم منذ القدم لأسباب عديدة منها الجهاد في سبيل الله ومنها التجارة ومنها السعي لطلب الرزق والدعوة الى الله وتظل ظاهرة غياب الزوج عن أسرته الى وقتنا الحاضر تأخذ أشكالا عدة منها غياب بسبب السفر او غياب بسبب الانشغال.. وغياب بسبب المشكلات الزوجية والنتيجة واحدة. ولكن غالبية الازواج يغيبون عن بيوتهم لظروف العمل كأن يرتبط الأب بأكثر من عمل وهذا الغياب له مبرراته التي تعين الام على تحمل العبء وتقدير التعب والجهد الذي يبذله الاب، اما الشريحة الاخرى من الآباء فتغيب لأسباب غير مقنعة وغير مجدية.. فالأب ينهي عمله ليرتاح قليلا في المنزل دون ان يلتفت للابناء او الزوجة ثم يقضي بقية اليوم متنقلا بين اصدقائه للترفيه ولعب الورق ومتابعة الفضائيات.. وقد لا يعود الا في آخر الليل وهذا ما يسمى الغياب المعنوي والفعلي والحضور الشكلي فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الرسالة التي يقدمها اب يقضي وقته في متابعة الفضائيات أو العكوف على تصفح الانترنت بلا هدف او يقضي ليله وهو مع شلته يلعب الورق؟ ويضيف الطويل: ويتعدى اثر غياب الاب الاهمال ليصل الى تدهور في سلوكيات الابناء ما يدفع الاب للجوء الى تعويض غيابهم باغداق المال على الاولاد وهذا يؤدي بدوره الى انحرافهم ان لم يوجد الاب الذي هو القدوة الصالح والموجه والمراقب والمرشد الناصح، والرفيق والحازم، والصديق والمعلم للشباب. ولغياب الأب أثره على شخصية الولد وبالأخص عندما يكون كل من في البيت من الاناث (اخوات وأم) فسيتعلم منهن طريقة الحديث والمشي والحركات وفنون التعامل مع الآخرين وسيتطبع بطباع أنثوية. أما أكثر من يعاني فهي الزوجة التي تتحمل الاعباء جراء بعد الزوج، وتكثر واجباتها اليومية الاساسية، من تربية الابناء ومتابعتهم.. ثم لا تجد من تتحدث معه. ويؤكد الطويل ان الاتفاق بين الزوجين المبنى على قناعة كل منهما بدوره هو الحل الامثل فكلاهما راع ومسئول عن رعيته.. وان كان افضل الحلول تحمل الأب الجزء الاكبر من هذه المسئولية لقوامته وهذا النوع من التفهم للدور المنوط بكل من الوالدين يصنع جوا من التضحية بينهما، فالأب يسعى جاهدا ليوفر بعض الوقت لأبنائه، والأم تسعى جاهدة لتعويض كل نقص نتج عن غياب الوالد.. ثم يأتي بعد ذلك وضع خطة لتربية هؤلاء الأبناء باغتنام كل فرصة للقاء بهم من قبل الوالد، وتوفير وتهيئة الجو من قبل الام. أما اغتراب الرجل عن زوجته فليس حراما، الا انه يجب الا تكون الفترة طويلة حتى لا تكون هناك فتنة ويجب ان تكون هناك شروط لغياب الرجل عن زوجته،وهي ان تكون في بيت أمين وأن تكون هي راضية. وبعض أهل العلم يحدد المدة القصوى بستة أشهر وبعضهم بأربعة اشهر كما ان موافقتها على ذلك مهمة جدا. ويضيف الطويل: ورغم ان المغتربين الآن يقضون الاعياد والمناسبات واجازة نهاية الاسبوع مع اقربائهم على الانترنت بتوفير كاميرات الويب ومواقع الدردشة بدلا من الرسائل الورقية السابقة وبطاقات التهنئة وبالتالي فالبعد الجغرافي امام التقنيات الحديثة بات غير موجود ولكن هذا لا يغني عن التعايش اليومي مع الزوجة والأبناء ومهما كان نوع التواصل عبر كاميرا الانترنت لكنه لا يغني عن العواطف الجياشة. ان طبيعة العمل في هذه الأيام اثرت في العلاقات الاجتماعية والعلاقات الأسرية والبعض من الآباء المغتربين يشعر بمرارة الغربة ولا يستطيع التواصل مع اسرته نظرا لظروفه المالية وهو يحاول ان يكوّن صداقات وعلاقات اجتماعية في الغربة ليعوض عدم تواصله مع أسرته. اعادة نظر سناء عبدالعظيم اختصاصية نفسية تقول: يقولون ان «البعيد عن العين بعيد عن القلب» ولكن يبدو ان هذه المقولة بالرغم من أنها تؤخذ كحقيقة مسلم بها، الا انها نسبية الى حد كبير، فليس كل بعد ينتج عنه جفاء او نسيان فالأم مثلا لا يمكن ان تقسو مشاعرها تجاه اولادها مهما ابتعدوا عنها في سفر أو عمل أو غيره. والبعد في حد ذاته قد يكون له مردود ايجابي او سلبي بحسب الموقف، ولنأخذ الزوجين مثلاً، فقد يقرران بعد حياة زوجية مستقرة وطبيعية، ان يبتعد كل منهما عن الآخر فيما يشبه «الاجازة القصيرة» كنوع من التجديد للعلاقة بينهما وحتى يعودا وقد أصبح كل منهما في اشتياق للاخر، ولن يحدث هذا الا اذا كانت العلاقة الزوجية بينهما قوية وراسخة وقائمة على التفاهم والمودة والثقة، فاذا لم تكن العلاقة بالقوة الكافية فقد يصبح البعاد ذا أثر سلبي فيزيد الفتور فورا، مما يسهم بقدر كبير في ضعف العلاقة الزوجية وربما تفككها.. وتضيف سناء: وأياً كان السبب الذي أدى الى البعد بين الزوجين فان في تراثنا الاسلامي ما يشير الى ان اقصى مدة لهذا البعاد ما يتراوح بين أربعة وستة اشهر باعتبار انها اقصى مدة يستطيع فيها الزوجان الابتعاد عن العيش معا، مما يعني ان زيادة هذه المدة قد تسبب آلاما نفسية او معاناة لا لزوم لها.. وقد يكون البعد اضطراريا كما في حال الزوج الذي يضطر للسفر مثلا بحثا عن العمل، ويترك زوجته وأسرته في الوطن، وهذا النوع من البعاد يستوجب احيانا غياب الزوج لما يقرب العام في بعض الأحوال وهي فترة طويلة من الفراق والتي يتوقع ان يكون لها آثار سلبية ليس على مستوى قوة العلاقة بين الزوجين ولكن حتى على الابناء انفسهم وما ينتج عن هذا الوضع الأسري غير المستقر من انعكاسات سلبية على المجتمع ككل. وتضيف: أهم ما يمكن ان ننصح به في هذا المجال هو ان يحاول كل من الزوجين ان يقلل بقدر الامكان من الابتعاد أو الفراق الذي قد يحصل بينهما لأي سبب من الأسباب، فعندما تكون الحياة الأسرية على المحك، يصبح من المهم بل ومن الضروري اعادة النظر في امر البعاد. ظلم الشيخ محمد عوض السعدي ـ امام مسجد ـ يقول: ان من احد اوجه الظلم الذي يقع على المرأة في بعض المجتمعات وفي بعض الظروف هو بعد زوجها عنها لفترة طويلة دون اذنها او استشارتها او حساب الظروف القاسية التي ستلاقيها في غياب زوجها، هذا بالنسبة لمن يفارقها زوجها سعيا للرزق أو هجرانا او ما شابه، اما اذا فارقها لمدة معينة شهرين او ثلاثة من اجل اعادة ترتيب اوراقهما واستعادة نشاطهما وشوقهما لبعض فلا ضير في ذلك على الا تطول المدة لأن في ذلك فساداً كبيراً على الزوج والزوجة والأولاد والاسرة بشكل كبير، وهذا ما نستشفه من عمل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمر بألا تطول مدة غياب الرجل عن زوجته أكثر من أربعة اشهر وعشرة ايام ولو كان ذلك جهادا في سبيل الله ففيما رواه التاريخ لنا ان سيدنا عمر بن الخطاب كان يتفقد أحوال رعيته في احدى الليالي فسمع صوت امرأة تنشد أبياتا في احساسها بالوحدة القاسية نتيجة غياب وبعد زوجها عنها. فذهب الى ابنته حفصة وقال لها كم تصبر المرأة على فراق زوجها قالت أربعة أشهر وعشرة ايام قال من أين لك هذا، هل عندك دليل؟ فقالت: يقول الله تعالى في سورة البقرة (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لذا أمر عمر رضي الله الا يتأخر احد في الغزو أكثر من أربعة اشهر. ويضيف السعدي: وانها لمشكلة كبيرة ان يفارق الرجل أسرته وقد ابتليت اسرنا بكثير من هذه الأمثلة وتجاهل الرجل بدوره الظلم الذي يقع على المرأة في هضم حقها والظلم ظلمات يوم القيامة وقد قال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) واذا دخل الظلم على احد اطراف دعائم الأسرة فبالتأكيد سيكون حال الاسرة الانهيار والدمار وقد يقع فساد كبير بسبب هذا الفراق فساد يصيب الرجل كما يصيب المرأة وقد يضل الرجل وتضل المرأة ويتخذ كل منهما خليلا عوضا عن صاحبه فالشيطان يستغل نقاط الضعف ويجري مجرى الدم بابن ادم وهذا البعد احد الابواب التي نفتحها بأيدينا ونسمح للشيطان الدخول منها أو بمجرد التفكير فيها. اضف الى ذلك الظلم الذي سيقع على الأولاد والتقصير الذي سيلحق بهم ما يضاعف جهد المرأة ويجعلها تلعب دور الاب والام في آن واحد وهذا ما لا ينجح معها في معظم الاحيان وكلنا يعلم مكانة ودور الاب في الاسرة وما يحدث في حال انعدامه وكيف ستكون تربية الاولاد وما هي درجة العناية التي سينالونها في بعد والدهم عنهم وهذا ما يجعل الاولاد يكرهون آباءهم لأنهم تخلوا عنهم ولم يعتنوا بهم ويرعوهم حق رعايتهم. ويضيف السعدي: اقول لكل من ألزمته الحياة على هجر زوجته والبعد عنها ان يراجع نفسه مرارا ويتخذ القرار الأفضل بحق نفسه وأهله وأولاده والا يبتعد كثيرا ـ ان اضطر الى ذلك ـ عن زوجته واولاده فالبعد قسوة وكلما طالت المدة كلما تعود الطرفان على ذلك وكلما قسيت قلوبهما وكما يقول المثل «بعيد عن العين بعيد عن القلب» واقول للرجل انت لم تتزوج لتعذب زوجتك وتغيب عنها بل لتشكل اسرة تنعم بها وتؤدي واجبك تجاهها كي لا تساعد في خراب الارض بل في اعمارها

Email