الإصرار والاجتهاد والاستقلال سبيلهم إلى تجربتهم المختلفة

«بروباجامدة» بصمة شابة على راديو الكتروني

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الإصرار - الاجتهاد - الاستقلال» ثلاث كلمات وجد بها مجموعة من الشباب المصري الذي تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة - السبيل لعمل شيء يفيدون به أنفسهم ومن حولهم، وآمنوا أن العمل في المجال الإعلامي والنجاح فيه ليس بعمل ضجة عشوائية أو »بروباجاندة« ولكن بعمل »بروباجامدة«، فكانت تجربتهم الخاصة والمختلفة، كما يصفونها متمثلة في راديو على الانترنت - ليس فقط للتعبير عن أفكارهم ولكن ليستمع إليهم آخرون يشاركونهم حلمهم وربما يستفيدون مما يقدمونه فتكون المنفعة متبادلة.

«الحواس الخمس» استعرض تلك التجربة وجاءكم بالتفاصيل عبر مؤسسيها الذين رفضوا التصوير، مكتفين بالتعرف إليهم عبر أفكار إذاعتهم فقط.

ريهام، السيد، حسام، بسنت بعض أمراء وأميرات مملكة »بروباجامدة« الذين جمعهم الإصرار على عمل شيء جيد يحترمون فيه مَن يقدموه إليهم، كما يصفون أنفسهم في التسجيل التعريفي بهم بالراديو أو من خلال »البرومو« والذي جاء قبل بدء برامجهم، يحكون فيه قصة تجمعهم وفكرة الراديو وبرامجه وذلك في شكل الحكايات القصصية على خلفية موسيقى ألف ليلة وليلة.

ستة أسابيع هي عمر إذاعة »بروباجامدة« حتى الآن وإن كان مولدها كفكرة بدأ منذ ما يقرب من العام، بعد تخرج ريهام عبدالرحيم صاحبة فكرة عمل الإذاعة، تلك الفتاة العشرينية التي لا تجد في فقدانها لنعمة البصر سبباً للتوقف عن التبسم في وجهك وإلقاء النكات في كثير من الوقت.

ريهام خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة - قسم الإذاعة والتلفزيون، حبها لفن الإلقاء والخطابة وعمل شيء مختلف لمحاولة إيصال شيء يفيد الناس ويرقى بما يسمعه الشباب دفعها للتحدث مع زميلها بالكلية سيد جمال وهو المتولي لمسؤولية الإعداد لمعظم برامج الإذاعة، تقول ريهام: أنا وسيد زملاء كلية واحدة، كلمته وقلت له نريد عمل إذاعة غير تقليدية، نقدم أفكاراً حقيقية نبتكر، وعرضت الفكرة على حسام ابن خالتي وبسنت بنت عمتي، فاعجبا بها وطلبا أن يشاركاني في تنفيذها.

الضجة الإعلامية

وحول سبب اختيار كلمة »بروباجامدة«، كاسم للإذاعة، قال سيد جمال صاحب فكرة الاسم: »بروباجامدة« فكرتها الضجة الإعلامية بشكل مختلف، بمعنى أنه ليس ضرورياً أن نقدم أغاني فقط أو نقدم شو إعلامياً ولكن شيء نريد توصيله للناس، كلمة حق يجب أن تقال، لأننا اتفقنا على شيء واحد وهو احترام عقلية المستمع، ولهذا السبب اخترنا كلمة »بروباجامدة« فهي تعني ضجة إعلامية لكن بشكل انتظامي وليس عشوائي.

»كذبة بيضاء، مترو الأزمان، قارئة الفنجان، بورصة الأرقام،# الروشتة الغنائية، بصة من فوق لتحت، الأرض بتتكلم عربي، نفحات نبوية، وا قدساه، أصل الحكاية®®.«، تلك الأسماء سوف تتسارع إليك بمجرد الدخول إلى موقع الإذاعة والضغط على قائمة »استمع إلى برامجنا«، وما يجمع هذه البرامج التي تم تسجيلها في المنزل وعمل المونتاج لها على جهاز كمبيوتر واحد »لاب توب«، كما قال حسام - هو البساطة في تقديم المعلومة وتدعيم الخيال لإحداث حالة من التفاعل سواء أكان ذلك في طريقة الكتابة أو في اختيار الموسيقى المصاحبة لهذه البرامج التي تقدم كل أسبوع والمتنوعة ما بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفني.

وقبل بداية الاستماع لأحد برامج الإذاعة سوف يطل عليك صوت مميز ينطق بهذه الكلمات »راديو بروباجامدة كلمة طبق الأصل من معنى كلمة مصر«، ذلك هو صوت حسام الدين متولي طالب كلية الصيدلة وأحد مؤسسي إذاعة »بروباجامدة« والذي يعمل على وضع »التترات« وعمل المونتاج - على حد قوله - لكنه الآن أصبح الصوت المصاحب لكل المترددين على موقع الإذاعة.

لم تكن فكرة عمل إذاعة على الانترنت إلى حد ما بشيء يسير، حيث لم يكن أي من هؤلاء الشباب محترفاً للعمل الإذاعي خاصة في عملية المونتاج بالإضافة إلى مسألة الألفة بينهم، حيث لم يكن يعرف كل منهم بعضهم البعض في بداية الأمر هذا ما أكده سيد أحد أعضاء الإذاعة®. مضيفاً ان حسام هو من كان لديه اطلاع على فكرة المونتاج وتقطيع البرنامج ودمج الموسيقى فهو من تولى هذه المهمة، وقال ان حسام وبسنت أضافا كثيراً لنا ربما لم يدرسا لكن عندهما الموهبة.

إحساس بالاستقلال

والإذاعة بالنسبة لهؤلاء الشباب ليست مجرد فكرة طرأت عليهم فقرروا تنفيذها لكنها إحساس بالاستقلال خاصة بعد التخرج ومحاولة العمل غير أن صعوبة التعبير عن آرائهم لوجود خطوط حمراء لا يجب أن يتعدوها هي ما دفعتهم إلى عمل شيء بمفردهم دون السعي لاستقطاب أشخاص للمساعدة على حد قول سيد.

ومع بدء عمل موقع الإذاعة كان لكل منهم شعور مختلف، فالنسبة لحسام كان لديه شعور بالسعادة والنجاح »عند أول مرة ننجح في عمل مونتاج وتسجيل«، أما بالنسبة لسيد فكان تحدياً وقال »البرومو بالنسبة لنا كان وعداً للناس التي ستسمعنا؛ لأن الذي سمعه كأنه دخل البرنامج، كان عندنا تحد بعد أول حلقة كيف نقدم الحلقة الثانية وكيف سنقدم الشخصيات؟«.

بينما الخوف كان من نصيب بسنت وليد طالبة الثانوي وهي أصغر أعضاء الإذاعة سناً«، وتقول: »كنت خائفة في البداية لكن التعليقات المكتوبة عن الحلقات كانت حافزاً لي«، وكان التفاؤل والإيمان بالقادم رفيق ريهام »كنت مبسوطة جداً، كل مرة أقول إن الأسبوع المقبل أفضل من الحالي، دائماً أحاول أن أفكر في أي حاجة جديدة نعملها لبروباجامدة«.وعن الفرق بين إذاعات الراديو التي نستمع إليها وإذاعات الانترنت، يرى سيد أن اتجاه الراديو تقليدي في التحليل الإخباري أو في التحليل بشكل عام، بينما ترى ريهام أن إذاعات الانترنت تصل أكثر وبسرعة وأن من يستمع إلى إذاعات الراديو يكون بغرض الاستماع إلى الأغاني.

الإعلام أصبح إعلاناً

وكل من الشباب الأربعة له رؤيته عن الواقع الحالي للإعلام بشكل عام وله إيمانه بالإختلاف أو الجديد الذي تقدمه إذاعة »بروباجامدة«، فبينما يرى حسام أن الإعلام الآن جيد ولكنه كثير الكلام وأن اختلافهم وتجديدهم في محاولتهم لإيصال الفكرة بشكل صحيح ومن دون توصية من أحد يعملون لديه بالإضافة إلى أنهم لا يسعون إلى الربح على عكس أصحاب الجرائد والقنوات، حيث يكون العائد الإعلاني هو الهدف.

بدوره يقول سيد ان الإعلام أصبح إعلاناً، حيث يتم تقديم أشياء بدعوى أن الجمهور يريد ذلك دون التفكير في كيفية إفادتها لهذا الجمهور، ويرى أنها مشكلة جميع البرامج حتى برامج التوك شو الموجوده حالياً، وقال إنهم يحاولون تلافي ذلك في البرامج التي تعمل على تفعيل وتنشيط مادة الخيال مثل الذي يقدمونه في برنامج »مترو الأزمان«.

ويضيف سيد: إن الإحساس بأنك مؤثر وليس التواجد فقط كان من أهدافهم وهذا ما شعر به أخيراً وإن أبدى تعجبه الشديد عندما تعرض للتضييق الأمني - على حد قوله - على الرغم من مرور ستة أسابيع فقط على انطلاق الإذاعة بسبب برنامج »كذبة بيضاء« الذي يقوم على فكرة عمل حوار تخيلي مع إحدى الشخصيات العامة وكان من بين هؤلاء الرئيس الأميركي السابق بوش، والرئيس الفلسطيني أبو مازن وآخرهم حسن شحاتة مدرب المنتخب القومي، وعلى الرغم من سعادتهم للإحساس بهذا، كما يقول سيد غير أنه أحزنهم في الوقت ذاته.

وفي حين تُقسم بسنت الوضع الإعلامي إلى ثلاثة أشياء: إما قناة كوميدية، أو قناة تهاجم بوقاحة، وإما قناة تخاف وتصمت، وترى أن »بروباجامدة« تجمع بين ما يمكن مشاهدته في أكثر من قناة من الكوميدي الهادف والمواضيع الجادة والمواضيع التي يتحدثون عنها بشكل غير مباشر، وتؤكد أن هذا أكثر ما جذبها إليها.

وتقول ريهام إن هناك تضييقاً على الإعلام في الوضع الحالي بدلاً من الحرية وأنهم لو لم يعملوا لصالح أنفسهم لن يستطيعوا الحديث عما يريدون خاصة عندما يكونون على قناعة بشيء ما وبمدى فائدته للناس ولعل هذا هو سبب رفضهم لفكرة السعي لوجود تمويل خارجي خاصة عن طريق المعلنين.

ومع ثبات نسبة المترددين على موقع الإذاعة بعد أن كانت أعلى نسبة في الأسبوع الأول من انطلاقه ثم انخفاضها في الأسبوع الثاني وذلك من مختلف الدول العربية وليس مصر فقط على حد قول حسام، فإن ما يسعى إليه هؤلاء الشباب في المرحلة المقبلة، كما يقول سيد، هو التطوير في الأداء والبرامج من خلال محاولة الجمع بين السياسة والفن والاقتصاد بحيث يكون الفن في الأداء والسياسة في الأسلوب ذاته أو الاسقاطات، بينما الاقتصاد في المجهود سواء بالزيادة أو القلة.

Email