منزل في ديرة يقدم وجبات شعبية

المطعم القديم.. روائح الطعام والتاريخ

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل إنشاء المدرسة الأحمدية، أسس المواطن عبدالله بن جمعان رحمه الله في سنة 1909 بيته القديم في منطقة الرأس في ديرة، واشتهر بحبه للبحر إذ كان يمتلك سفناً للغوص، كما عمل حارساً شخصياً للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمه الله، ومن ثم تم تعيينه ضمن أول المسؤولين في بلدية دبي سنة 1954. مرت السنوات، وانتقل بن جمعان إلى جوار ربه، وشهدت مدينة دبي طفرة عمرانية ضخمة، لكن البيت ظل شاهداً على هذا التغيير في منطقة الرأس التاريخية في إمارة دبي، إذ خضع لإعادة تدوير من قبل رجل الأعمال مجيد سعدي الذي عكف منذ ثلاث سنوات على إعادة تأهيل بناء البيت وصيانته ليكون مطعماً للمأكولات الشعبية.

 

ملامح الماضي

هوية البيت ما زالت تفوح برائحة الماضي، والمكان يثير أسئلة كثيرة بداخل الزوار، فالمطعم يبدو متحفاً يختزل ملامح التاريخ ويضم بين أركانه الأواني وأدوات قديمة تنتمي معظمها إلى البيئة الإماراتية البحرية، بما في ذلك أشكال السفن القديمة وأدوات بناء المنزل من الداخل والمصابيح وشكل السقف من أعلى وغيرها من الأشياء الجميلة المفقودة في الزمن الحاضر. تنفيذ المشروع حسب ما أكد سعدي استغرق نحو 3 سنوات، وتطلب عناية فائقة في اختيار التصميم واستيراد بعض الأدوات النادرة من البحرين والهند وبعض الدول التي تربطها علاقات تجارية قديمة بمجتمع الإمارات، لاسيما وأن دولة الإمارات تزخر بمخزون تراثي ضخم يشد انتباه السياح كثيراً، فضلاً عن المأكولات الشعبية التي ذاع صيتها على مستوى المأكولات الشعبية في العالم، نتيجة مذاقها الشهي.

تخليداً لذكرى صاحب البيت عبدالله بن جمعان رحمه الله، سمى أحد المجالس باسم «مجلس بن جمعان»، لكن في المقابل ضم المطعم الكثير من الردهات والمجالس، علاوة على غرفة «المدبسة» وهي عبارة عن غرفة تضم العديد من أكياس التمر المتراكمة فوق بعضها لاستخراج «الدبس» أو عسل التمر منها، وتتميز هذه الغرفة بعدم توفر نوافذ أو فتحات تهوية بداخلها سوى الباب، تفترش أرضها بعض القنوات المحفورة لمجرى الدبس تتصل في النهاية بمجرى واحد ليجتمع الدبس أخيراً في حفرة. ويضم البيت طابقين أرضي وأول، وتم تركيب مصعد لتسهيل حركة الزوار.

الغرف والأبواب

العديد من الغرف والأبواب كانت تحمل اسماً في الأعلى، منها «مجلس النوخذة» وهو عبارة عن مجلس في الطابق الأول يضم العديد من الصور القديمة للمجتمع في الإمارات عموماً ودبي بصفة خاصة، ويستمتع السياح الأجانب بقضاء وقت ممتع في المجلس باعتباره الردهة الأعلى ارتفاعاً في المطعم، تحتاج إلى استخدام درج تقليدي يكسوه الطين أو المصعد القديم ذي السلك العريض، وبجولة سريعة في أرجاء مجلس النوخذة تترسخ في ذهن الزائر بعض المعلومات عن السفن الشراعية نظراً للمجسمات المتوفرة والمعلومات المدونة أسفلها، مثل سفينة الغوص الضخمة «جالبوت»، والمركب الخاص بصيد الأسماك «الشوعي» و«البوم»، وغيرها الكثير من أنواع سفن الغوص والصيد المتداولة في الماضي.

15 لغة

 

تستقطب منطقة الرأس التاريخية في ديرة الكثير من الأفواج السياحية نظراً لامتلاكها العديد من المواقع التراثية، منها على سبيل المثال المدرسة الأحمدية وبجوارها منطقة الشندغة التاريخية وغير ذلك من المواقع، ذلك ما أدى إلى تشكيل الأجانب النسبة الأعظم من الزبائن بنحو 80 %.

بالتالي حرصت إدارة المطعم على توفير طاقم يتحدث 15 لغة منها الهندية والانجليزية والإيطالية والاسبانية وسواها، كما يبدو أن المأكولات المتوفرة ليس بالضرورة أن تشمل جميعها الأطباق الإماراتية، وإنما يُوّفر المطعم مأكولات تنتمي للثقافات التي كان المجتمع الإماراتي على علاقة بها في رحلات الغوص والتجارة.

Email