تطمح إلى السير على خطى دبي

كردستان.. بيئة سياحية غنية بالطبيعة والتاريخ

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يغيب اسم إمارة دبي عن أحاديث المسؤولين في إقليم كردستان العراق خلال لقاءات تعريفية وجولات سياحية مع الزوّار الأجانب، ولا يتردد رئيس هيئة السياحة في الإقليم، مولوي جبار وهاب، في افتتاح حديثه مع "البيان" بالقول إن "دبي تمثل نقطة الانطلاق للعمل باتجاه كردستان.. وقريباً سنفتح مكتباً سياحياً فيها".

يدرك الإقليم جيداً حقيقة الجهود الضخمة التي بذلتها دبي للوصول إلى مكانتها الحالية، وبعد مرور سنوات عدة على مقولة "تحويل أربيل إلى دبي أخرى"، تبدو الطموحات التي أعلن عنها قادة الإقليم على المسار الصحيح من حيث سن قوانين الاستثمار الجاذبة لرجال الأعمال والمشاريع الاقتصادية والعمل وفق مبدأ الاقتصاد الحر والانفتاح على العالم..

إضافة إلى عقد الصلات مع البيئة الأكثر جذباً لرؤوس الأموال، أي منطقة الخليج. لكن ما يثير قلق كردستان هو وقوعها على تقاطع طرق الاضطرابات الإقليمية والتوترات الأمنية التي تحيط بها من جهاتها الأربع. بالرغم من ذلك، يتطلع الإقليم إلى توسيع النشاط مع الشركاء الخليجيين، بحسب مولوي وهاب، وفي مقدمتها دولة الإمارات التي تعتبر أحد أهم المستثمرين في كردستان.

الثقة بدبي

القطاعات التي توليها أربيل، التي تم اختيارها عاصمة للسياحة العربية لعام 2014، أهمية خاصة هي قطاعي الاستثمار والسياحة رغم أنهما ليسا من القطاعات الأكثر ربحية حتى الآن. لكن المشكلة التي تبرز تكمن في التوجيه الصحيح للمشاريع التي يتم تنفيذها.

وخلال جولات سياحية عدة لـ"البيان" برفقة مسؤولين في القطاع، بدا أن هناك دولاً وشركات تجني أرباحاً كبيرة مستغلة عدم خبرة الإقليم في الإدارة مقارنة بدبي. وكان لافتاً في هذا المجال طلب وزارة التجارة والصناعة في حكومة إقليم كردستان مطلع العام الجاري "مساعدة من شركات دبي في تنفيذ المشاريع الصناعية من خلال دورات تدريبية أو أي مبادرات من شأنها المساعدة في تنفيذها".

السياحة الطبيعية

تشكل كردستان بمحافظاتها الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك) بيئة سياحية طبيعية، وتمتاز بتوفر عناصر متكاملة من اعتدال الطقس والسلاسل الجبلية المتصلة المغطاة بالثلوج والتي تحصر ودياناً خصبة تجري فيها أنهار عدة، وهي خمسة أنهار رئيسية، بالإضافة إلى ينابيع تنساب من الجبال بعد انقضاء موسم الأمطار..

كما في منطقة "هِبة سلطان" التابعة لقضاء كويسنجق. وتحتل بحيرة دوكان موقعاً فريداً بين الجبال وتعتبر من بين أهم المنتجعات السياحية في الإقليم حيث تم إحياء عيد النوروز (رأس السنة) في 21 مارس الماضي واستقطبت مجموعات عدة من السياح العرب والأجانب. ويقول الناطق باسم هيئة السياحة، نادر روستي، إن "توفير الخدمة السياحية المتمثلة بالفنادق والمطاعم الراقية يعتبر من ضمن الأجندة المهمة للحكومة بالنسبة للسياحة في أحضان الطبيعة".

وبحسب روستي، فإن عدد السياح خلال ثلاثة أيام من احتفالات عيد النوروز بلغ 200 ألف سائح من خارج الإقليم ومن دون احتساب عدد اللاجئين من سوريا والأنبار.

5 ملايين سائح

اللافت أنه يمكن للزائر أن يلاحظ بالتدريج ظاهرة في كردستان قلّما تتكرر في منطقة أخرى من العالم: "عدد سكان الإقليم يبلغ نحو خمسة ملايين نسمة، هذا يعني خمسة ملايين سائح محلي".

هذه المعادلة دقيقة ولا تحتمل الشك. في أيام الجمعة، وخارج نطاق الاحتفالات الرسمية، تزدحم مخارج أربيل بطوابير من السيارات الفخمة متجهة إلى التلال والوديان الواقعة على امتداد الطرق الواقعة على طريق السليمانية. وتتجاور العائلات بمحاذاة الطرق وهي تقضي "السيران". وكلمة "السيران" ليس تعبيراً عن نزهة أسبوعية أو يومية، بل تعبر تماماً عن نمط حياة سكان مدينة أربيل بشكل خاص، ويمكن للسائح الاستمتاع في الطبيعة بمشاهد ممتعة للدبكات الكردية الشهيرة ومشاركتهم في حال رغب بذلك.

ولا بد من الإشارة إلى قلة صالات الأفراح في أربيل مقارنة بعدد سكانها الذي يقارب مليوني نسمة، ذلك أن غالبية الأعراس أيضاً تتم في أحضان الطبيعة الغنية باللون الأخضر وينابيع المياه. ولدى مقارنة هذا النوع من السياحة في كردستان مع تركيا، يمكن بسهولة العثور على فارق أساسي: في كردستان لا تحتاج السياحة الداخلية إلى منشآت خدمية.

القطاع الفندقي

إلى جانب النمو الطبيعي للسياحة الداخلية التي لا تدخل في حسابات الأرقام الخاصة بقطاع السياحة، فإن فندقاً جديداً يدخل في الخدمة كل 3 أيام، وهذا يظهر النمو الكبير في قطاع البناء الفندقي. رغم ذلك، يرى مدير السياحة في السليمانية، ياسين فقي سعيد، إن السليمانية جذبت العام الماضي 1.3 مليون سائح من أصل 3 ملايين في كردستان.

ويشير إلى حاجة الإقليم عموماً والسليمانية بشكل خاص إلى فنادق من فئة ثلاثة نجوم بسبب الإقبال الكبير عليها من السياح ذوي الإمكانات المحدودة، وهؤلاء يأتون غالباً من المدن العراقية التي تشهد اضطرابات أمنية أو من دول مجاورة ذات دخل فردي منخفض. فيما تلبي الفنادق من فئتي الخمسة والأربعة نجوم الطلب في سوق السياحة. ويبلغ عدد الأسرة الفندقية في السليمانية نحو 10 آلاف سرير بنسبة تشغيل 65 % على مدار العام. وتقترب النسبة من 100 % في الموسم السياحي الذي يشمل فصل الربيع الأخّاذ في كردستان.

ووضعت حكومة الإقليم خطة سياحية تمتد للعام 2025 لتحويل البلد إلى وجهة سياحية عالمية مستفيدة من نموذجي دبي، من ناحية السياحة الخدمية، وإسطنبول في السياحة التاريخية والطبيعية. ويتطلع الإقليم إلى جذب 7 ملايين سائح من خارج العراق سنوياً مع حلول عام 2025 بإيرادات متوقعة تصل 2.5 مليار دولار.

المواقع التاريخية

التحدي الأبرز الذي يواجه قطاع السياحة في كردستان يتمثل في تأهيل المواقع التاريخية ووضعها ضمن خطط الجولات التي تقيمها شركات خدمية للسياح الأجانب. ويمكن أن يلحظ الزائر مشكلات في أسلوب ترميم المواقع التاريخية، وهو ما يعتبره الدكتور دوغلاس لايتون، مؤسس شركة "العراق الآخر" في كردستان، أنها من أخطر التحديات التي يسعى إلى الحد منها.

ويضم الإقليم آلاف المواقع الأثرية التي تغطي حقبات تاريخية متصلة تمتد إلى سبعة آلاف عام، من أشهرها القلعة التاريخية التي تتوسط العاصمة أربيل، حيث يبدو توسع المدينة يتخذ شكلاً دائرياً يتوافق مع شكل القلعة، وانعكس ذلك على هندسة الطرق التي تتخذ أشكالاً دائرية بموازاة القلعة على شكل حلقات، فهناك شارع الـ40 الدائري يليه شارع الـ60 ثم الـ100، والأرقام تدل على عرض الشارع بالأمتار. ويكاد يتطابق نمط البناء المحيط بقلعة أربيل بمثيلتها في حلب السورية التي تتوسطها أيضاً القلعة المبنية على تلّة ترابية.

ونجحت حكومة الإقليم في تعزيز قيم التسامح بين مكونات الإقليم، حيث دخلت المعابد الإيزيدية الشهيرة في "لالش" التابعة لمحافظة دهوك إلى الخريطة السياحية رسمياً، ومثلها كنيسة مارمتّى التي تعتبر من أقدم الكنائس في العراق وتطل على سهـل نينـوى الشاسـع جنوبـاً.

تسهيلات الاستثمار

 يعتبر قانون الاستثمار في إقليم كردستان من أكثر القوانين جاذبية للمستثمرين الأجانب في المنطقة. وتم إقرار القانون في يوليو 2006، وتم بموجبه إنشاء مجلس لإدارة الاستثمار. ومن أهم النقاط البارزة في القانون، أنه يتعامل مع المستثمرين الأجانب والمحليين على قدم المساواة، حيث يمنح المستثمرين الأجانب حق الملكية الكاملة للمشاريع العقارية والتجارية. كما يمنحهم حق شراء وتملك الأراضي لأغراض الاستثمار. ويمنح جميع المستثمرين إعفاءً ضريبياً لمدة 10 سنوات اعتباراً من اكتمال المشروع أو بدء الإنتاج أو تقديم الخدمة.

Email