مستقبل العمل وآفاقه

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد بيئات العمل المعاصرة في الشرق الأوسط وحول العالم تغيراً مذهلاً ومدفوعاً بعوامل ذات تأثير قوي جداً، إذ تسهم الابتكارات الإحلالية في تكوين قطاعات ونماذج أعمال جديدة وتدمير نماذج أخرى في الوقت نفسه. وتتميز التقنيات الجديدة وتحليلات البيانات وشبكات التواصل الاجتماعي بتأثير هائل على الطريقة التي يتواصل بها البشر ويتعاونون ويعملون. وسوف تكون العديد من الوظائف والمسؤوليات الوظيفية في المستقبل جديدة وغير مسبوقة أبداً.

وتحظى دبي ودولة الإمارات بمكانة متقدمة دولياً في مجال التعامل مع التحديات والفرص الماثلة أمامنا في المستقبل. وفي ظل المساعي العالمية المتواصلة نحو تطبيق مفهوم المدن الذكية، والتي وصلت إلى مرحلة متطورة هذا العام بفضل الانتقال من المشاريع التجريبية الصغيرة إلى تنفيذ المشاريع الكبيرة لتكنولوجيا المدن الذكية، فمن الأهمية بمكان أن نحرص على أنسنة التكنولوجيا والعمليات الحكومية التي تتقاطع مع حياة الناس في بيئة العمل.

وتكمن إحدى الطرق المبتكرة التي تطبقها دبي لتنفيذ ما سبق، في خطتها التي كشف عنها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، في شهر أكتوبر 2016 والتي تعتزم نقل جميع المعاملات الحكومية المحلية إلى تكنولوجيا Blockchain بحلول العام 2020. ومن شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى عمليات أكثر شفافية وأماناً، وأن تتخلص بشكل كامل من أي تلاعبات في المعاملات. وعندما تكتمل هذه الخطة، ستصبح جميع المعاملات الحكومية في الإمارة بلا ورق، مما يسهم في خفض حجم المعاملات الورقية بنحو 100 مليون معاملة سنوياً وتوفير ملايين الدولارات.

وفي هذا السياق، تعتبر مبادرة «دبي 10X» مهمة جداً لتحضيرنا لثقافة بيئة العمل في المستقبل. وتهدف هذه الخطة الطموحة إلى أن تجعل إمارة دبي رائدة عالمياً، وأن نسبق الجميع بعقد كامل.

وقد أكّد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم عبر موقع هيئة دبي للثقافة والفنون أن أحد أهم عناصر تنفيذ مبادرة «دبي 10X» يكمن في إزالة العوائق التنظيمية وخاصة بالنسبة إلى الشركات التي تسهم في إحداث تغييرات جذرية.

وتعتبر مجموعة تيكوم من أهم الجهات التي تسعى إلى تحقيق هذا الهدف الطموح من خلال تزويد جميع خدماتها المؤسسية والحكومية لمجمعات الأعمال التابعة لها من خلال منصة ذكية تسمى axs. وتقوم هذه المنصة بتوفير جميع الخدمات لما يزيد على 5000 شريك أعمال و100 ألف عضو بسرعة أكبر وبمرونة أفضل للعمليات.

وتجري خلف الكواليس أكثر من 300 ألف معاملة سنوياً لأعضاء مجمعات الأعمال، حيث تضم هذه المعاملات إدارة الإيجارات، وتسجيل الرخص، وخدمات إصدار التأشيرات. وتتبنى منصة axs الرقمية منهجية متكاملة في عملها، كما تتميز بلوحة تحكم سهلة الاستخدام وتوفر نفاذاً إلى أكثر من 200 خدمة، فضلاً عن توفر مخططات بيانية تفاعلية تُظهر معلومات الشركات في الوقت الحقيقي.

ومن خلال منصتها المبتكرة، توفر axs دروساً في الإدارة الذكية مع بيانات قيّمة للشركاء، مما يساهم بدوره في تبسيط العمليات، وبالتالي تعزيز سهولة ممارسة الأعمال ودعم النمو الاقتصادي.

على الصعيد الوطني، وفي إطار جهود الحكومة المستمرة لتبسيط العمليات، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قراراً بإنشاء الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية للعمل تحت إشراف هيئة الإمارات للهوية، وبذلك تم الجمع بين شؤون الإقامة والجنسية تحت سقف واحد.

وقد نجحت دبي والإمارات في تحقيق فرق واضح. دعونا نلقي نظرة على مثالين دوليين تم تجميعهما من قبل خبراء عالميين. الأول هو مؤشر التنافسية الرقمية العالمية الذي تعده كلية IMD لإدارة الأعمال التي تتخذ مقرها في لوزان بسويسرا.

وقد احتلت دولة الإمارات المركز الثامن عشر في المؤشر هذا العام، مباشرةً بعد ألمانيا وقبل كوريا الجنوبية، في تقدم لافت عن المرتبة الرابعة والعشرين التي احتلتها في العام 2013. وإذا ما نظرنا إلى الأرقام بالتفصيل، نجد أن الإمارات احتلت المرتبة الثامنة في تكامل تكنولوجيا المعلومات، والخامسة في الإطار التنظيمي، في حين حصدت المرتبة الأولى في استخدام البيانات الكبرى والتحليلات.

ثانياً، وعلى نطاق أوسع، دعونا ننظر إلى التصنيف العالمي للتنافسية والتابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث جاءت الإمارات في المرتبة 17 عالمياً في التقرير الذي صدر مؤخراً عن الفترة 2017/‏2018، لكنها واصلت تصدر العالم العربي، كما احتلت البلاد المركز الثالث عشر في مؤشر تطور الأعمال، والمرتبة الرابعة والعشرين في مؤشر الاستعداد التكنولوجي، والخامسة والعشرين في مؤشر الابتكار.

باختصار، العالم يتغير باستمرار، وكذلك منهجيات العمل، ونحن بدورنا نعمل على دعم جهود دولة الإمارات للاستعداد لهذه التغييرات ومواكبتها.

 

 

Email