مؤشرات الاستعداد لإصدار الصكوك

ت + ت - الحجم الطبيعي

وصلت العديد من الشركات العاملة في منطقة مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى النضج المطلوب للاستفادة من مزايا السيولة التي يوفرها مستثمرو الصكوك أو السندات.


في عالم أسواق رأس المال، يعد الاستعداد لإصدار الصكوك أو أدوات الدين من سمات النضج المؤسسي؛ إذ يشير إلى أن الشركة باتت تملك ما يكفي من الوزن والقيمة في السوق للوصول إلى قاعدة واسعة من المستثمرين.


وقد وصلت عدة مؤسسات في دول مجلس التعاون الخليجي بالفعل إلى مستوى النضج الذي يؤهلها لدخول أسواق السندات التقليدية والصكوك. ويشير الاستعداد لإصدار الصكوك، مع ما يصاحب هذه العملية من تدقيق ومعايير صارمة - إلى قدرة الشركة على الوصول إلى المستوى التالي من النضج المالي، والانتقال من الحصول على التمويل عن طريق البنوك إلى أسواق رأس المال التي تشكل مصادر أوسع لتمويل النمو، وهذا كله جزء من النضج المؤسسي.


وفي الوقت ذاته، فإن تحسن شهية السوق والمعرفة المرتبطة بقضايا الدين في الشرق الأوسط تعتبر فرصة أمام الشركات الناضجة للوصول إلى قاعدة أوسع من المستثمرين العالميين من أميركا الشمالية إلى الشرق الأقصى، إلى جانب الاستفادة من أفضل الممارسات التي يكرسها التنوع المالي. فعلى سبيل المثال، استفادت الشركات الكبرى في دولة الإمارات من هذا التنوع الكبير للمستثمرين من خلال إصدار سندات إسلامية.

ومن هذه الشركات «إعمار العقارية»، و«مجموعة ماجد الفطيم» و«موانئ دبي العالمية» و«مصرف الإمارات الإسلامي» و«بنك دبي الإسلامي» و«مصرف الشارقة الإسلامي» و«مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية» وغيرها.

وحالما تقدم الشركة على خطوتها الأولى متجاوزةً حاجز التردد، تصبح الخطوات التالية أسهل وأكثر طبيعية. إن التوجه المتزايد للشركات نحو خيار السندات الإسلامية، لتمويل أعمالها وأنشطتها المختلفة، إنما يعكس نجاح تلك الأدوات المالية في التحول إلى لاعب فاعل في سوق أدوات الدين العالمية، خصوصاً في ظل تطابق إصدارات الصكوك وغيرها من الأدوات المالية الإسلامية مع المعايير المحاسبية والمالية العالمية، ما دفع نحو توسيع قاعدة سوق مصدري الصكوك لتشمل مختلف فئات الشركات سواء التقليدية منها أو تلك العاملة وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

كما نشهد توجهاً ملحوظاً ومتزايداً لدى مصدري السندات السيادية مثل هونغ كونغ وغيرها من المراكز المالية حول العالم إلى إصدار دفعة ثانية من الصكوك. لهذه الأسباب جميعاً غدت الصكوك اليوم منتجات يريدها الجميع. غير أن قلة عدد إصدارات الصكوك وعدم إنتظامها دورياً، مقارنة بما هو الحال عليه في سوق السندات التقليدية.

رغم توفر الطلب على الصكوك لدى قاعدة واسعة من المستثمرين، يدفع حملة الصكوك إلى التمسك بالأوراق التي يمتلكونها مسبقاً لأن محفظتهم الاستثمارية تتطلب غالباً الاحتفاظ بنسبة معينة من أدوات الدين الإسلامية. في حين أن النمو في عدد إصدارات الصكوك من شأنه أن ينعكس إيجاباً على أحجام التداولات ويضيف مزيداً من العمق إلى السوق الثانوية. وهذا بدوره يشجع على مزيد من الإصدارات وبالتالي تحقيق دورة نمو قوية.


وهناك ظاهرة أخرى تمتلك القدرة ذاتها على إطلاق دورة نمو قوية في السوق وهي المنتجات المرتبطة بالمؤشرات، وتحظى هذه المنتجات بقيمة خاصة لدى مؤسسات إدارة الصناديق. ومع وجود مؤشرات صكوك موثوقة - مثل مؤشر بنك الإمارات دبي الوطني ماركيت آيبوكس للصكوك المقوّمة بالدولار الأميركي - كأدوات تحليلية، نتوقع رؤية المزيد من الأدوات المرتبطة بالمؤشرات والمتداولة في السوق.
وقد رأينا سابقاً أن الأسواق تتوجه نحو المنتجات المرتبطة بالمؤشرات بالتوازي مع اكتمال نضوج الشركات، ومن الواضح أن وجود مؤشر موثوق وشامل هو شرط أساسي لذلك.


إن هذا التقدم، بتعزيز ثقة الشركات المترددة حيال الصكوك وقيام المستثمرين بتخصيص حصة أكبر للمنتجات الإسلامية في محافظهم، يشكل فرصة ذهبية أمام الشركات الإقليمية الناضجة لتحسين بنية ديونها.



 

Email