ضمن أفضل 10 مراكز مالية

دبي تعزّز موقعها على خارطة المال والأعمال عالمياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي، أن دبي تقف على أعتاب مرحلة جديدة تواصل خلالها تعزيز موقعها كوجهة عالمية مميزة للاستثمار والأعمال، وهي الحقيقة التي أبرزتها العديد من مؤشرات التنافسية والتقارير المتخصصة على مستوى العالم التي وضعت الإمارة في قوائم أفضل المراكز المالية العالمية، ومنحتها ترتيباً متقدماً ضمن تلك القوائم في العديد من المجالات ذات الصلة.

ونوّه كاظم بعناصر القوة التي تكفل لدبي الحفاظ على تلك المكانة، ومن أهمها الموقع الجغرافي المتوسط الذي يشكِّل حلقة ربط لصناعة المال في شرق العالم وغربه، علاوة على السياسات الاقتصادية والأطر التشريعية الواضحة التي أذكت من ثقة شركاء دبي في بيئتها الداعمة التي رأوا فيها مدخلاً فعّالاً ومهماً لأسواق رقعة جغرافية واسعة تضم منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا بكل ما تحفل به من فرص واعدة بتعداد سكان يناهز ثلاثة مليارات نسمة، وناتج محلي يقدر بنحو 7.4 تريليونات دولار.

خطة

وأعرب كاظم عن اعتزاز المركز بدوره في تنفيذ استراتيجية دبي نحو ترسيخ مكانتها الرائدة في عالم المال والأعمال، مشيراً إلى خطة المركز التنموية العشرية الرامية إلى مضاعفة عدد الشركات العاملة به ثلاثة أضعاف بحلول العام 2024، وقال: «نطمح بحلول العام 2024 إلى زيادة عدد الشركات المالية المتواجدة في المركز إلى 1000 شركة يعمل بها نحو 50 ألف مختص وخبير، وتشير النتائج التي حققناها خلال النصف الأول من العام 2017 إلى أننا نسير على الطريق الصحيح لتحقيق الطموحات التي نسعى إليها».

كما أكد أن هذا المستوى المرموق الذي وصل إليه المركز بين أهم مراكز المال العالمية لم يكن ليتحقق لولا الشراكة النموذجية مع كبرى المؤسسات والشركات المالية العالمية التي رأت فيه المنصة الأفضل لتعزيز أعمالهم في المنطقة.

ووجدت في البيئة التي يوفرها المناخ الأمثل الذي يمكّنهم من المضي في تحقيق أهدافهم في إطار من الشراكة والاتفاق الضمني على التعاون من أجل النجاح المشترك، معرباً عن ثقته في أن تلك الشراكة ستشهد مزيداً من التطور والنمو على المديين القريب والبعيد في سياق الخطط الطموحة التي وضعها المركز موضع التنفيذ.

تميز عالمي

ومنذ بدء العمل في المركز عام 2004، حققت دبي نمواً سريعاً لتصبح المركز المالي الرائد في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وهو ما جعلها تقترب في الأعوام الأخيرة من المراكز العشرة الأولى، حتى وصلت في سبتمبر الماضي إلى قائمة أفضل عشرة مراكز مالية على مستوى العالم، وذلك بحسب التقرير الذي أوردته مجلة «ذا بانكر» التابعة لمجموعة فايننشال تايمز، والتي تعد من أهم المطبوعات المختصة في مجال المال والأعمال عالمياً.

ووفقاً للتقرير يتضح أن دبي هي المدينة الشرق أوسطية الوحيدة المتواجدة ضمن قائمة أفضل 40 مركزاً مالياً، حيث جاءت في المركز الرابع في فئة الخدمات المالية الخاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر لتسبق بذلك مدناً عريقة تعد من كبريات المراكز المالية على مستوى العالم مثل نيويورك وشنغهاي، كما حلت في المركز الرابع في جاهزية الأعمال والإصدارات الأجنبية.

وقد أدى هذا النمو إلى تعزيز مكانة دبي كمنصة قوية تُمكن الشركات المالية العاملة فيها من استهداف اقتصادات الأسواق الناشئة التي تقع الإمارة بقربها، وفي هذا الصدد أوضح كاظم قائلاً: لكل مركز مالي سمات فريدة وخاصة به، وهو بمثابة نقطة وصول إلى سوق معينة كما هو الحال في هونغ كونغ وسنغافورة ولندن والتي تمثل بوابات أعمال إلى الصين وجنوب شرق آسيا وأوروبا.

ويرى كاظم أن الشركات في هذه المنطقة الشاسعة تفضل مركز دبي المالي العالمي كقاعدة لعملياتها، وذلك لما يوفره من بنية تحتية متقدمة، ونظام متطور لإدارة العمليات، وهو ما يظهر بوضوح عند إلقاء الضوء على جنسية الشركات المتواجدة في المركز، حيث تُشكِّل الشركات من خارج المراكز المالية التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة أكثر من نصف الشركات المسجلة.

وقال: تحرص الشركات التي تتخذ من الأسواق الناشئة مقراً لها على التواجد في المركز، وهناك العديد من الأمثلة، حيث يتواجد في المركز أربعة من أكبر البنوك الصينية التي تدير أصولاً يبلغ مجموعها 25 مليار دولار من مقراتها في دبي.

وبنظرة أدق وأشمل لما يقدمه من ميزات، يساعد المركز الشركات المالية العاملة به على الاستفادة من الفرص التي تقدمها الممرات التجارية المتنامية بسرعة، لذا يعتبر المركز، بحسب كاظم، مركزاً مالياً رائداً في المنطقة، فهو بمثابة جسر يربط الأسواق الناشئة على طول الممر الجنوبي-الجنوبي لما لها من تأثير عالمي في تزايد مستمر.

حيث من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتلك البلدان إلى 4.1 % هذا العام، مقارنة مع 1.9 % للاقتصادات المتقدمة، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي عن التوقعات الاقتصادية العالمية الصادر في يونيو 2017، إذ من المنتظر أن يستمر هذا النمط الاقتصادي خاصة مع زيادة مستوى التبادلات بين أسواق الجنوب.

حضور قوي

وفضلاً عن الاهتمام المتزايد من قبل كبريات الشركات الصينية، يشهد المركز حضوراً قوياً من الشركات الهندية، والتي تنتمي بدورها إلى سوق عملاق آخر في المنطقة، لا سيما بما تتمتع به الهند من قطاع إدارة ثروات قوي، وهو ما دفع مديري الأصول الهنود للاستعانة بدبي كمقر إضافي لشركاتهم.

ويقدّم نمو قطاع إدارة الثروات والأصول في المركز العديد من الفرص للشركات العاملة به، لا سيما مع حجم الثروات الكبير في المنطقة، وهو ما دفع المركز في السنوات الأخيرة إلى اتخاذ كافة الخطوات الفعالة لتحديث الإطار التشريعي الخاص بشركات إدارة الثروات والشركات العائلية، فضلاً عن تطوير بنية تحتية متقدمة تخدم هذا القطاع.

كما يشهد قطاع التأمين وإعادة التأمين في المركز نمواً متزايداً، خاصة مع ما يتمتع به من أسس قانونية وتنظيمية مستقرة تتميز بتنافسيتها على الصعيد الدولي، حيث يوفر المركز بحسب كاظم كافة عوامل النجاح الداعمة لشركات التأمين وإعادة التأمين، ما جعله يحقق العديد من النجاحات خلال العامين الماضيين، شهدت إطلاق شركة لويدز لندن عملياتها في المركز، ومنذ ذلك الحين قامت شركات أخرى كبيرة مثل «اتش دي اف سي لايف HDFC Life»، و«سيجنا Cigna»، و«بي بي إل العالمية BBL Global»، و«كوفايس Coface» بالانضمام إلى المركز.

نمو قوي

وقد ساهمت قطاعات إدارة الثروات والتأمين بما تشهده من ديناميكية في المنطقة في تحقيق المركز لنمو قوي خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث ارتفع عدد الشركات المدرجة بنسبة 6.2 % ليصل إلى 1750 شركة، تشمل 463 شركة متخصصة في الخدمات المالية.

كما ارتفع بالتزامن مع ذلك عدد القوى العاملة في المركز إلى 21,628 موظفاً، كما شهد المركز خلال الفترة المذكورة تأجير 144 ألف قدم مربعة إضافية من المساحات التجارية المتاحة لديه، وتأتي هذه النتائج استكمالاً لما حققه المركز في العام 2016 من نجاحات تضمنت نمو أعداد الشركات المسجلة به.

كما أحرز المركز خلال النصف الأول من العام الجاري تقدماً كبيراً في جهوده المستمرة لتعزيز بنيته التحتية القانونية والتنظيمية؛ إذ أسهم الإطلاق الناجح لتقنية «فينتك هايف في مركز دبي المالي العالمي» هذا العام في توفير منصة حيوية تربط بين شركات التكنولوجيا الحديثة والمؤسسات المالية الرائدة بما يسهم في دفع عجلة الابتكار في القطاع، وذلك بالإضافة إلى استراتيجية «التعاملات الرقمية Blockchain 2020» الهادفة إلى تحقيق رؤية القيادة الرشيدة بأن تكون حكومة دبي الأولى عالمياً في تطبيق هذه التقنية في كافة تعاملاتها.

اختبار الابتكار

ومن المنتظر أن تستفيد المؤسسات المالية المُشاركة في البرنامج من «رخصة اختبار الابتكار» التي أطلقتها سلطة دبي للخدمات المالية مؤخراً، والتي تسمح للشركات المالية المؤهلة بتطوير واختبار مفاهيم مبتكرة من داخل المركز دون أن تخضع لجميع المتطلبات التنظيمية التي تنطبق عادة على الشركات الخاضعة لرقابة سلطة دبي للخدمات المالية.

وأكد كاظم أن دبي ملتزمة بتوفير استراتيجيات تشجع الابتكار في القطاع المالي بما في ذلك دعم عملية التطوير التي تحدث في منصات الشمول المالي، والحد من مخاطر إدارة البيانات وتحسين عمليات صنع القرار، موضحاً أن الإطار التشريعي والتنظيمي المتطور يمثل الداعم الأكبر لكافة المبادرات التنموية التي تطلقها الإمارة، وخير مثال على ذلك ما قامت به مؤخراً سلطة دبي للخدمات المالية، الجهة التنظيمية المستقلة للخدمات المالية في المركز، من تطوير للتشريعات الملائمة لنشاطات التكنولوجيا المالية «فينتك» في وقت قياسي.

وأضاف: إن سلطة تسوية المنازعات في المركز حققت نمواً ملحوظاً جعلها لتصبح المنصة المفضلة لتسوية المنازعات التجارية في دبي والمنطقة.

الكادر البشري

ونوّه كاظم بأن تطوير إمكانات الكادر البشري يأتي على قائمة أولويات المركز، لذا يُعقد سنوياً أكثر من 100 ورشة عمل وندوة مخصصّة لتطوير مجتمع الأعمال المتنامي في المركز من المهنيين المحترفين. ولتحقيق هذه الأهداف أُطلقت أخيراً «الأكاديمية» وهي مركز تعليمي عصري يهدف إلى تعزيز معايير التميّز في قطاع الأعمال والخدمات المالية، وتُعدّ هذه «الأكاديمية» إضافة قيّمة إلى سجل نجاحات المركز، بما ستمكّنه من تنمية وتطوير موارده البشرية والقوّة العاملة.

600

يسعى مركز دبي المالي العالمي بحلول العام 2024 إلى زيادة حجم المساحات التجارية والمكتبية المتاحة من خلاله إلى 5.5 ملايين قدم مربعة، وذلك لاستيعاب المشروعات المستقبلية، والتي تشمل «مجمع أبراج الإمارات» للأعمال، ومشروع «أفينيو البوابة» البالغة كلفته 600 مليون درهم على مساحة 660 ألف قدم مربعة، والذي سيشكل عند افتتاحه حلقة وصل تربط جميع المباني الموجودة في المركز، بداية من مبنى البوابة وصولاً إلى أبراج سنترال بارك.

كما سيسهم المشروع في إضافة بُعد آخر للمركز بجعله وجهة عصرية متكاملة تلبي مختلف متطلبات الحياة العصرية على مدار الساعة بخيارات متنوعة تشمل 200 مطعم ومتجر تجزئة.

Email