«جمعية المحللين الماليين»: تطبيقها يعزز السياسات الضريبية بالمنطقة

«القيمة المضافة» خطوة ضرورية أولى

■ ضريبة القيمة المضافة مصدر عائدات عالية الفعالية وتكاليف تطبيقها منخفضة | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت ماريا جاوو ديلجادو، العضو في جمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات، أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، الخطوة الضرورية الأولى لتعزيز السياسات الضريبية السائدة في دول المنطقة، إضافة إلى تنسيق هذه السياسات مع الممارسات الدولية، دون التأثير سلباً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وتشير الدراسات إلى أن ضريبة القيمة المضافة تشكل مصدر عائدات عالية الفعالية، لأن تكاليف تطبيقها زهيدة نسبياً، ولأنها أقل عرضةً للغش والاحتيال.

وأضافت قائلة، إن الأهم من ذلك، أن احتمالات تأثيرها الاقتصادي السلبي ضئيل، لدى مقارنتها بغيرها من الضرائب المباشرة، مثل الضرائب المفروضة على الشركات، حيث إن المستهلكين هم من سيترتب عليهم تحمُّل أعباء التكاليف الإضافية لضريبة القيمة المضافة، بدلاً من الشركات.

وتعتبر هذه- كما تشير- ميزة مهمة، في الوقت الذي ترغب فيه حكومات دول المجلس بالحفاظ على استثمارات القطاع الخاص، لافتة في الوقت نفسه، إلى أن لهذه الضريبة بعض السلبيات، وأبرزها أن الشريحة الأكثر تأثراً بها، هي العائلات منخفضة الدخل. وتتمثل السلبية المهمة الثانية، في أن هذه الضريبة ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في القطاعات التي تستهدفها، ما قد يؤدي بدوره إلى انخفاض حجم الطلب.

استراتيجية مالية

وشددت ماريا جاوو ديلجادو، على أن ضريبة القيمة المضافة، لا تستطيع بمفردها أن تلبي الاحتياجات الآنية للحكومات من العائدات الضريبية. وبدلاً من ذلك، سيؤدي الجمع بين تلك الضريبة وبين أنواع أخرى من الضرائب، إلى تطبيق استراتيجية مالية متوسطة الأمد وأكثر استقراراً.

وقد يعني ذلك، وجود إمكانية لفرض ضرائب على الشركات وضرائب عقارية متكررة، وحتى ضرائب دخل في المستقبل المنظور. وقد يتيح فرض ضريبة القيمة المضافة للحكومات، فرصة الحصول على نظام ضريبي، يسمح لها بفرض تشكيلة أوسع نطاقاً من الضرائب في المستقبل.

اتفاق

واتفقت دول مجلس التعاون الخليجي، على فرض ضريبة قيمة مضافة بمعدل 5 %، اعتباراً من عام 2018.

وكانت دول المجلس، ناقشت فكرة تطبيق أدوات ضريبية للمرة الأولى قبل عقود مضت، بينما كانت حكوماتها تمول نفقاتها من عائدات تصدير النفط. ونظراً لاستمرار نمو العائدات النفطية لدول المجلس، واستمرار الآفاق الإيجابية لأسعار النفط لغاية 18 شهراً مضت، أحجمت حكومات تلك الدول، عن فرض الضرائب..

وبدلاً من ذلك، ركزت بصورة أكبر على الاستثمار المباشر لدعم نمو القطاع الخاص.

ولكن تراجع أسعار النفط، أدى لضغوط اقتصادية كبيرة على دول المجلس، حيث استنزف ذلك الموازنات المالية، ما جعل الحكومات تستشعر الحاجة لاتخاذ تدبير لتعزيز عائداتها من القطاعات غير النفطية، وتطبيق نظام ضريبي جديد، بات الآن مقبولاً، وينصح به على نطاق واسع، وتعتبر حاجة دول المجلس لتنويع مصادر دخلها، وتقديم أنظمة ضرائب فعالة واحدة من تلك التدابير.

أنواع مختلفة

وهناك أنواع عدة للضرائب، ومنها الضرائب المباشرة التي تفرض على الأرباح والدخل - أمثال ضريبة أرباح الشركات وضريبة الدخل الفردي والعائدات الاقتصادية، أمثال ضريبة الموارد المعدنية والضريبة العقارية.

وهناك أيضاً الضرائب غير المباشرة التي تفرض على الاستهلاك - أمثال ضريبة القيمة المضافة. ورغم أن الشائع أن دول مجلس التعاون الخليجي تُعتبر منطقة خالية من الضرائب، إلا أنه من الأنسب، القول إنها «منطقة خالية من الضرائب المباشرة»..

حيث إن هناك ضرائب غير مباشرة فعلياً. فهناك رسوم على السكن، وعلى عبور بعض الطرقات، وعلى السياحة والتأشيرات والتسجيل. وتساعد هذه الرسوم والضرائب، الحكومات في تغطية تكاليف تقديم الخدمات الأساسية، وتظل مستقرة على أساس سنوي، ما يجعل منها مصادر مهمة للغاية لتمويل الحكومات.

إصلاح مهم

من جانبها، قالت جنين ضو، شريك الضرائب غير المباشرة في بي دبليو سي الشرق الأوسط، إن ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، تشكلان إصلاحاً مهماً لمساعدة الحكومات الخليجية على تحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية المتوسطة والطويلة الأجل، وحدّ الاعتماد على عائدات النفط والغاز.

وتشكل الموافقة على الاتفاقيتين، تطوراً بارزاً، إذ إنهما تحددان المبادئ المشتركة التي ستقود عملية تطبيق الضريبتين على المستوى الوطني من قبل كل دولة عضو. وعلى الشركات أن تبدأ باتخاذ التدابير اللازمة الآن، إن لم تكن قد بدأت، للتحضير لتطبيق الأنظمة الضريبية الجديدة، وتنفيذها في الوقت المحدد.

تحضير الشركات

وتحتاج الشركات إلى التحضير سلفاً، للتمكن من الامتثال بالالتزامات الضريبية الجديدة المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، ومنها عملية فرض الضريبة وتحصيلها وسدادها إلى الإدارات الضريبية ضمن الوقت المناسب.

وقد حان الوقت لأن تبدأ الشركات بالتوعية وزيادة المعرفة في هذا المجال، والبدء في تقييم الآثار المحتملة لتطبيق الضرائب الجديدة، لا سيما الأثر في هوامش الربح والتدفق النقدي. ومن الضروري أيضاً أن تتأكد الشركات من وجود الأنظمة والإجراءات المناسبة لتطبيق الضرائب بالشكل الصحيح وتوفير التقارير والوثائق المطلوبة.

حد للتسجيل

وسيتمّ اعتماد حدّ للتسجيل بضريبة القيمة المضافة، وسيجب على الشركات التي تتجاوز مبيعاتها السنوية هذا الحد، التسجيل في الضريبة.

كما سيمنح خيار التسجيل للشركات التي تحقق حجم مبيعات سنوية أدنى. وبالتالي، سيكون على الشركات المسجلة، فرض ضريبة القيمة المضافة على توريداتها، وسوف يكون لها الحق في خصم ضريبة القيمة المضافة المترتبة عليها من خلال مشترياتها، بما فيها الأصول الرأسمالية والواردات.

وقد اتخذت بعض الدول أحكاماً تتعلق بدمج الخاضعين للضريبة في مجموعة ضريبية، وهذا يسمح لعدة أشخاص اعتبارية مستقلة، بأن تعمل أو تعامل كجهة واحدة، لأغراض ضريبة القيمة المضافة، وذلك ضمن شروط معينة، يجب الامتثال بها.

ولمبدأ المجموعة الضريبية منافع للشركات، وكذلك للإدارات الضريبية، من خلال تخفيف العبء الإداري بشكل رئيس، وعدم إخضاع التوريدات المتداولة داخل المجموعة الضريبية لضريبة القيمة المضافة.

التزامات

سيتعين على الشركات المسجلة لأغراض ضريبة القيمة المضافة، الامتثال لعدد من الالتزامات الضريبية، وتشمل الاحتفاظ بدفاتر وسجلات ضريبية لفترة زمنية محددة، بصورة ورقية أو إلكترونية، على أن تكون دقيقة وكاملة ومقروءة. مع إصدار فواتير ضريبية بالنسبة لتوريداتها والاحتفاظ بالفواتير الضريبية المحصلة من مورديها، كشرط لخصم ضريبة القيمة المضافة.

ويجب احتساب مبلغ ضريبة القيمة المضافة الواجب سداده، وتقديم إقرارات ضريبة القيمة المضافة بشكل دوري - شهري أو على أساس ربع سنوي. والتصريح عن إجمالي مبلغ ضريبة القيمة المضافة، العائد للمبيعات والمشتريات التي تمت في الفترة الضريبية، بما في ذلك المعاملات البينية، واحتساب صافي ضريبة القيمة المضافة الواجب سدادها أو القابلة للاسترداد.

آلية

ستحدد اتفاقية ضريبة القيمة المضافة، مكان وكيفية فرض الضريبة على المعاملات البينية. ففي بعض الاتحادات الاقتصادية، مثل الاتحاد الأوروبي، تُطبق آلية الاحتساب العكسي، حيث تخضع المعاملات البينية للضريبة في دولة المتلقي، الذي يتحمل مسؤولية التصريح عن الضرائب المستحقة للإدارات الضريبية. وتخضع هذه الآلية لشروط معينة، ويجب الانتظار لتفاصيل الاتفاقية، من أجل تأكيد ما المعاملة الضريبية التي ستطبق في دول مجلس التعاون الخليجي.

Email