بفضل إطلاق مبادرة إحياء الوقف العالمية

مستشار قانوني يبتكر أول بطاقة حسم وقفية في العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال المستشار القانوني والمدقق الشرعي رامي سليمان أبودقة إن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله»، العالمية لإحياء الوقف التي أطلقها سمّوه أخيرًا كانت الملهم الرئيسي ليقوم بابتكار أول بطاقة حسم وقفية في العالم والعمل على تنفيذها على أرض الواقع، مشيراً إلى أنه تجري حالياً مشاورات مع عدد من المصارف ومؤسسات التمويل الإسلامي داخل وخارج الدولة لإصدار البطاقة وذلك بالتزامن مع إنجاز النظام الإلكتروني الخاص بالبطاقة وبالتنسيق مع إحدى الشركات المتخصصة في تصميم نظم المعلومات المصرفية، ليكون في وسع أي بنك إدراج هذا المنتج، الذي يؤدي إلى تعزيز ثقافة الوقف لدى الجمهور، ضمن منتجاته المالية، مشيراً إلى أنه ومنذ إطلاق مبادرة إحياء الوقف العالمية في مارس الماضي بلغت قيمة الوقف الذي خصصته 32 مؤسسة ناشطة في الإمارات أكثر من 3 مليارات درهم.

وكان مركز الشارقة الإسلامي لدراسات الاقتصاد والتمويل، أحد مبادرات جامعة الشارقة لتشجيع العمل الأكاديمي والبحثي المتخصص في منتجات وعقود الصناعة المالية الإسلامية، قد كرّم المستشار رامي سليمان الأسبوع الماضي عن بحثه ومنتجه المعنون باسم «بطاقة الحسم الوقفية» والذي نال جائزة ودرع أفضل بحث ومنتج مصرفي إسلامي لسنة 2016.

فكرة المنتج

وأوضح المستشار سليمان في تصريحات خاصة لـ«البيان الاقتصادي» أن فكرة المنتج تعتمد أساساً على إشراك المؤسسات المالية الإسلامية في إدارة الأعين الموقوفة، التي يمكن أن تشمل مبلغاً مالياً أو عقاراً، أو أملاكاً منقولة، ولعب دور «ناظر الوقف» مقابل رسم إداري، وذلك وفقاً لطلب العميل بصفته «الواقف» الذي يملك العين الموقوفة، بحيث يقوم الواقف بتوكيل الناظر لحبس العين الموقوفة واستثمارها وتسبيل منافعها لصالح شخص أو أشخاص طبيعيين أو اعتباريين ليكونوا المستفيدين أو «الموقوف عليهم» وفق ضوابط وشروط نوع الوقف الذي يختاره الواقف ويقيمه تقربًا إلى المولى عز وجل.

وتتيح هذه البطاقة مزدوجة الاستخدام للموقوف عليه أو عليهم السحب النقدي من منافع الوقف من خلال أجهزة الصراف الآلي، وتتيح للموقوف عليه أيضاً الحسم المباشر من الحساب النقدي لمنفعة الوقف في حدود الإيرادات المحققة دوريًا طيلة فترة سريان وثيقة الوقف وذلك من أجل أن يتمكن الموقوف عليه من تنفيذ عمليات الشراء والصرف وإجراء المعاملات الأخرى بحيث تُضفي مزيداً من المرونة والراحة ورفع الحرج على الموقوف عليه بشفافية، ووفق شروط وأحكام الوقف المحدد له من قبل الواقف، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من المزايا الكثيرة التي قد يوفرها الناظر في خضم المنافسة التي ستحتدم بين المؤسسات الناظرة مع إطلاق واعتماد هذا المنتج.

تحديات

وحول أهمية البطاقة في إحياء الوقف، قال سليمان إن بطاقة الحسم الوقفية صممت لمجابهة التحديات العملية الراهنة التي تعيق إحياء وتنمية الوقف في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، وأبرزها قصور الأطر القانونية والتشريعية، وضعف ثقافة الوقف وأحكامه الشرعية لدى الجمهور، وعدم وجود مؤسسة قادرة عملياً على نظارة أو إدارة الوقف، أو ضعف خبرتها، واختلاط الجوانب الرقابية للأوقاف مع الجوانب الإدارية والاستثمارية لها، وعدم الإفصاح المالي من قبل الناظر، وعدم وجود منافسة على نظارة الوقف، بالإضافة إلى عدم وجود هيكلية لتسييل إيرادات الأصول الوقفية.

وأضاف: «أثّر قلة الخبرة والكفاءة الإدارية لدى الأشخاص الطبيعيين أو لدى المؤسسات الوقفية الروتينية سلبًا على العوائد الوقفية بل وطال في كثير من الأحيان الأصول الموقوفة في ظل غياب الرقابة عن أعمال النظارة وعدم تحميلها المسؤولية التقصيرية، وجميع تلك المعطيات ترجع خيار الاستفادة من خبرة ومهنية المؤسسات المالية الإسلامية في الاستثمار وإدارة الثروات وتوظيف تلك الخبرة في نظارة الوقف كجزء من نشاط تلك المؤسسات في إطار تعدد خدماتها المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية، لذا فإنها الأجدر بتنميته وتثميره بما يعود بمزيد من المنفعة على الموقوف عليه ويؤدي الغرض من الوقف بشكل كاف وسليم».

ضوابط

وحول الضوابط والأطر القانونية التي تحكم استخدام البطاقة قال سليمان إنه لم يصدر في الدولة حتى اللحظة قانون خاص منفرد بالوقف على الرغم من أهمية هذا القطاع، مشيراً إلى أن عدم وجود تشريع خاص بالوقف في الوقت الراهن يمكن ضبطه في الوقت الراهن بعلاقة تعاقدية مكتوبة في وثيقة وقف مؤطرة للأحكام الشرعية والقانونية والفنية المتعارف عليها للوقف تحدد التزامات وحقوق كل طرف على حدة مع وضع الجزاءات والغرامات المادية في حال ثبت أي تجاوز أو إخلال.

أهمية البطاقة

وأضاف سليمان إنه ومن الناحية الاقتصادية فإن جعل المنتج ضمن الخدمات المالية والمصرفية التي تقدمها المؤسسات المالية الإسلامية ينمي ثقافة الوقف في الحفاظ على أصوله وتنمية إيراداته بالشكل الأنسب الأمر الذي سيؤدي قطعاً لتوسيع دائرة الموقوف عليهم – وهم غالبًا ممن ينتمون إلى الفئات الكادحة أو المحرومة - وبالتالي يُناط بالوقف دوره المنشود في تنمية القطاع الاقتصادي.

دوافع

أفاد المستشار رامي سليمان حول دوافع ابتكار منتج بطاقة الحسم الوقفية، أن الوقف الذي أُصلَ شرعًا وأُوردَ نصاً في بعض التشريعات الإسلامية والعربية نظرًا لأهميته في حياكة النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات، يدخل في صميم عمل المؤسسات الإسلامية التي تقوم بدور الناظر. وأضاف: «نحن في أمس الحاجة لتطوير أساليب الوقف والارتقاء به ليلعب الدور المنوط به على أكمل وجه، ومن هنا جاءت فكرة ابتكار منتج بطاقة الحسم الوقفية».

Email