الشركات الراغبة في إجراء عملية الدمج تفتقر إلى فهم مستوى المكسب المتوقع

«بين آند كومباني» تكشف أسرار مكاسب عمليات الاستحواذ

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال فيليب دي باكر شريك ومدير قسم الخدمات المالية العالمية في «بين آند كومباني»: إنه لم يعد يُخفى على أحد بأنّ معظم عمليات الاستحواذ والدمج تفشل في تحقيق المكاسب المنشودة. وأظهر استطلاع «بين آند كومباني»، الذي شمل 352 مديراً تنفيذياً حول العالم، أن المبالغة في تقدير المكاسب المتوقعة كانت السبب الثاني الأكثر شيوعاً وراء نتائج الصفقات المخيّبة للآمال.

وأشار دي باكر الى أن أحد أبرز هذه الأسباب يتمثل في قيام الشركات بوضع أهداف طموحة لتبرير سعر الصفقة للممولين..

إلا أن دراسة «بين آند كومباني»، التي قارنت عمليات الإعلان عن صفقات لأكثر من 22 ألف شركة، كشفت عن عامل هام يسبب المبالغة في المكاسب المتوقعة، وهو أن معظم الشركات الراغبة في إجراء عملية دمج تفتقر لوجود فهم واضح لمستوى المكاسب المتوقعة ومقدار الفوائد المالية التي من الممكن تحقيقها من خلال عملية الدمج.

مؤكداُ أن هذه الشركات تقوم بدلاً من ذلك بوضع تقديرات عالية مستندة إلى النتائج السابقة من صفقات الاندماج، دون النظر فيما إذا كان مستوى التكلفة للشركة المنبثقة عن الدمج واقعي..

ويستند إلى معايير متبعة لدى شركات مشابهة من حيث الحجم. فعلى سبيل المثال، في حال اندمجت شركتان بقيمة 100 مليون دولار لكل منهما، فإنهما نادراً ما تعرفان مستوى التكلفة لشركة بقيمة 200 مليون دولار في القطاع نفسه. وقد لفت انتباهنا، في معظم القطاعات التي قمنا بدراستها، إعلان 70% من الشركات المندمجة عن مكاسب أعلى مما هو متوقع فيما لو كانت الشركات تنمو من ناحية الحجم.

مشيرا إلى أن هذه القضية تحظى بأهمية في الشرق الأوسط، حيث بلغت قيمة صفقات الدمج والاستحواذ المعلن عنها والتي تمت مع أطراف في المنطقة 22,7 حوالي مليار دولار في الربع الأخير من العام 2014، أي أكثر من ضعف قيمة الصفقات التي تمت في الربع الثالث وأعلى قيمة للصفقات منذ تلك التي تم تسجيلها في الربع الأول من العام 2008، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة «رويترز».

مشاركة

وتساءل دي باكر إذاً، كيف يمكن للشركات المشاركة في عملية الدمج أن تصبح شركات متكاملة ومتفوّقة؟ ومجيبا قال: تقوم أفضل الشركات بوضع أهداف عالية وتوفير خارطة طريق لتحقيقها، حيث تستغل حالة الاضطراب التي تسبّبها عملية الإندماج من أجل السعي إلى إحداث تغييرات أوسع مثل تبني مبادرات الميزانية وإيجاد طرق عمل جديدة تساعدها على تجاوز المنافسين لتصبح شركات رائدة فيما يتعلق بتخفيض التكاليف.

ويتطلب ذلك من الشركات المشاركة في عملية الدمج أن تكون أكثر انضباطاً فيما يتعلق بتقدير المكاسب المتوقعة من عملية الدمج. كما يتوجب عليها استخدام بيانات المعايير لفهم كيفية قياس التكاليف بشكل دقيق قبل إجراء الصفقة، ولمعرفة الفوائد من جراء زيادة الحجم فحسب، بالإضافة إلى الفوائد الناجمة عن تحسين التكاليف.

منهجية

وضرب دي باكر أمثلة عن الشركات التي قامت باتباع هذه المنهجية بشكل ناجح ومنها شركة «أي. بي. إنبيف»، أكبر شركة لتصنيع المشروبات في العالم والتي تم إنشاؤها من خلال عملية دمج جرت بين «أنهيزر-بوش» و«إنبيف». وأعلنت «أي. بي. إنبيف» عن مكاسب متوقعة لصفقة اندماجها تفوق المكاسب المتوقعة من الزيادة في حجم الشركة الجديدة...

إلا أنها دخلت عملية الدمج بخطة مدروسة وتاريخ حافل بعمليات دمج ناجحة. وفي نهاية المطاف، حققت الشركة مكاسب أكثر مما تم الإعلان عنها، مسجلة أرباحاً مالية بلغت 2,25 مليار دولار، وهو أكثر بكثير مما كان يمكن توقعه من زيادة الحجم الناتجة عن الصفقة.

وتساهم عمليات دمج شركات المنتجات الاستهلاكية في تحقيق زيادة في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والاستقطاعات بنسبة 3.2% من صافي المبيعات المستهدفة كمعدل وسطي. أما في عملية دمج شركة «أي. بي. إنبيف»، فساهمت المكاسب الناجمة عن هذه العملية في إحداث تحسن بنسبة 16.8% في إيرادات الشركة على مدى ثلاث سنوات تلت الصفقة.

الصناعات المتنوعة

وأشار دي باكر أنه يمكن أخذ إحدى شركات الصناعات المتنوعة والتي تم تشكيلها من خلال عملية إندماج شركتين عملاقتين، كمثال آخر على التميّز في مجال تعزيز المكاسب المتوقعة. إذ قامت هذه الشركة بالاستفادة من عملية الاستحواذ لإشراك جميع الفرقاء في عملية التحول المؤسسي.

واستناداً إلى المعايير المتبعة، فإنه كان من المتوقع أن تحقق هذه الشركة فوائد مالية تشكل 1% إلى 2% من العائدات مجتمعة. لكنها النتيجة كانت افضل من ذلك بكثير، حيث حققت عملية الاستحواذ هذه فوائد مالية قدرت بأكثر من 5% من العائدات.

جدول أعمال   أسواق المنطقة

 تتيح طبيعة عمليات الدمج والاستحواذ تنفيذ جدول أعمال واسع لتحسين الأداء في جميع أقسام الشركة. وتقوم الشركات المتفوقة بتحديد المجالات التي يمكن لها التكامل فيها، وتلك التي ينبغي العمل على تحسينها. وتقترب شركة الصناعات المتنوعة أعلاه من تحقيق أهداف التكامل والتحسين مع وجود آليات رقابة وأدوات تنظيمية مختلفة ونظرية معينة لتحديد الأهداف.

ولتحقيق التكامل المنشود، يتم التركيز على ضمان اندماج الشركات بسلاسة مع عدم إغفال التميّز في الأداء. ولضمان تحقيق الأهداف، يتم منح فريق العمل أهدافاً ومقاييس أكثر طموحاً فيما يتعلق بتخفيض التكاليف وتحقيق الوفورات المحتملة.

أسواق المنطقة

قال دي باكر إنه يجري تنفيذ عدد كبير من عمليات الدمج والاستحواذ ضمن القطاع المصرفي في الشرق الأوسط، وذلك مشابه لما شهدته الأسواق الغربية قبل سنوات من عمليات دمج كبيرة في قطاعها المصرفي. ومع الانتعاش الذي تشهده منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إضافة إلى نضج البيئة المصرفية، فإننا سنشهد هذه الظاهرة أيضاً في دول مجلس التعاون الخليجي..

حيث قامت المصارف مؤخراً بإجراء عمليات استحواذ في كل من مصر وتركيا وغيرها من الأسواق الناشئة. والسؤال هنا يتمحور حول مدى سرعة اندماج الأسواق الإقليمية في عدد محدود من هذه الكيانات الإقليمية الكبيرة.

Email