يمنح البورصات عمقاً مؤسسياً واستثمارياً

صانع السوق رمانة ميزان الأسواق المالية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تقوم أسواق المال بدور كبير في توفير المكان والبيئة المناسبة لبيع وشراء الأسهم والأوراق المالية عبر ضوابط قانونية وتنظيمية صارمة توفر الحماية الكاملة للمستثمرين في هذه البضاعة المهمة، وهذا بدوره يعزز نشاط الشركات المدرجة في الأسواق ويجعلها تعمل في أطر قانونية سليمة متطورة وشفافة.

في العادة تحرص الأسواق على توفير ما يدعو لتنشيط الاستثمار فيها بإدراج الشركات وفق الضوابط القانونية، ومنح التراخيص المطلوبة للوسطاء من أصحاب الخبرات للقيام بالبيع والشراء نيابة عن المستثمرين وأيضا يتم هذا وفق الضوابط القانونية المتعارف عليها في كل مراحل البيع والشراء حتى نهاية التسجيل.

وقال د. عبد القادر ورسمه غالب الخبير الاقتصادي و أستاذ قوانين الأعمال و التجارة بالجامعة الأميركية بالبحرين من هذا النشاط، المحموم تكون أسواق المال لاعباً رئيسياً في دفع الحركة التجارية والاستثمارية مما يعود بالنفع على الاقتصاد وتحريك كل مجالاته.

ولتحقيق أعلى درجات الفائدة من نشاط الأسواق، فإنها تظل تعمل دون كلل أو ملل، لتشجيع ودعم كل ما يحرك الأسواق مع العمل على تفعيله لتقديم الفائدة المباشرة لقطاعات المستثمرين في أسواق المال، وكذلك لتدعيم البنية الأساسية لتطوير أدوات الأسواق لزيادة وتنويع المنتجات لرفع معدل التنافسية في الأسواق وفق ضوابط الافصاح والشفافية السارية.

وفي هذا الخضم، بدأ نشاط محموم، عبر استحداث دور »صانع السوق«. وصانع السوق، في أسواق المال، هو من الشركات الكبيرة أو من البنوك برأسمال كبير ويكون لهم الاستعداد التام لشراء الأصول المالية أو بيعها بسعر محدد وواضح على المدى الطويل. وتشترك هذه الشركات والبنوك في العمليات مباشرة إما بصفتها بائع أو مشتر.

كما تقوم، الى حد بعيد، بتحديد أسعار بيع أو شراء أدوات التداول الخاصة. ويتمثل الدور الأساسي لصانع السوق في توفير السيولة أو خلق الفرص للمستثمرين في السوق لشراء مجموعة كبيرة من الأسهم والعملات والعقود الآجلة وأدوات التداول الأخرى أو بيعها بسعر محدد واضح.

عمق مؤسسي

وأضاف د. عبد القادر ورسمه غالب أن نظام صانع السوق يمنح أسواق المال عمقاً مؤسسياً واستثمارياً ولدرجة كبيرة تقلل من الفجوة بين العرض والطلب للأسهم المدرجة.

وصانع السوق يخاطر بأمواله نظرًا لأنه الطرف الآخر دائمًا في أي صفقة، ومن أجل هذا السبب عليه دائما القيام باتخاذ دور مهني يؤهله لوضع العديد من الاستراتيجيات المطلوبة لتوفير الضمان »التحوط« ضد الخسائر. وهذا عمل فني محض يتطلب دراية ومعرفة مهنية.

ومن بين صناع السوق في العالم نذكر دويتشه بنك وباركليز كابيتل ومجموعة يو بي اس (أي جي) والبنك الاسكتلندي الملكي (آر بي أس) وغيرهم.

وكما ورد أخيرا، أعلن سوق أبو ظبي للأوراق المالية بدء العمل بنظام صانع السوق حيث يباشر بنك أبوظبي الوطني العمل كأول صانع للسوق في أسواق المال الإماراتية. ولقد حصل بنك أبوظبي الوطني على الترخيص اللازم من هيئة الأوراق المالية والسلع بعد استيفاء شروط ومتطلبات الترخيص الصادرة منهم.

ووجود صانع السوق سيدعم جهود سوق أبوظبي المتواصلة للارتقاء ببنيته الأساسية وبما يتواكب مع أفضل الممارسات العالمية. وفي المرحلة الأولية لهذا النشاط، سيقوم بنك أبوظبي الوطني بدور صانع السوق لشركات محددة مدرجة وهي بنك أبوظبي التجاري وشركة الدار العقارية وشركة الواحة كابيتال وبنك الخليج الأول.

واشار د. عبد القادر ورسمه غالب الى انه لتحديد ما اذا كان البنك »أو الشركة« من صناع السوق يجب أن تكون حصته من اجمالي حجم التداول بنسبة واضحة من رأسماله لأن الأمر يقاس هنا بقدرة البنك على التأثير في تحركات السوق من خلال طرح أسعاره للبيع والشراء.

وصانع السوق، من الناحية الفنية، يختلف دوره عن الوسطاء الذين يعملون في الغالب وفق تعليمات وتفويض الزبائن وهو لا يعمل وسيطاً أو وصياً لمعاملات الزبائن المستثمرين بل يعمل في السوق حسب سياسته بعد اتخاذ اجراءات التحوط المالي المطلوب في ما بين توفير السيولة النقدية ورأس المال.

إدارة الاستثمار

وللتوضيح، فان صانع السوق يعتبر هو المقابل لكل عمليات الزبائن مجتمعة، وهو دائما يوفر ويعرض شقين للأسعار (الشراء والبيع) وهذا يعتمد على قوى السوق في ذلك الوقت، ومصدر دخله يتمثل في فروقات السعر بين أسعار العرض والطلب. ويبقى صانع السوق على الحياد بالنسبة للزبون، ولهذا ليس هناك أي علاقة شخصية تتعلق بإدارة الاستثمار في الأسواق بين صانع السوق والزبائن.

بل ان صانع السوق في عمله يعبر عن مجموع تعاملات كل الزبائن، وفي هذا عليه الحرص في الموازنة بين تعاملات الزبائن والتحوطات المالية الواجب عليه اتخاذها وفق سياسته لإدارة المخاطر وكذلك التوجيهات الصادرة من السلطات الاشرافية الرقابية.

المعاملات التجارية

ويرى د. عبد القادر غالب أنه يجب على صانع السوق أن يكون دائمًا على أهبة الاستعداد لشراء الأصول المالية أو بيعها بسعر محدد واضح على المدى الطويل. ويشترك صانع السوق في المعاملات التجارية مباشرة بصفته بائعاً أو مشترياً ويحدد أسعار بيع أو شراء أدوات التداول الخاصة.

ومن هذا يتضح أن الدور الأساسي لصانع السوق يتمثل في توفير السيولة أو خلق فرص للمستثمرين في السوق لشراء مجموعة كبيرة من الأسهم والعملات والعقود الآجلة وأدوات التداول الأخرى وفق الطرق القانونية أو بيعها بسعر محدد وواضح.

ويتبين من النشاط أن صانع السوق، كما ذكرنا، يخاطر بأمواله نظرًا لأنه الطرف الآخر دائمًا في أي صفقة، ولذا فعليه دائمًا وضع الاستراتيجيات الاحترازية التحوطية »التحوط« للضمان ضد الخسائر.

كل هذا يجب أن يتم وفق الأنظمة والتشريعات التي تحكم عمل صانع السوق مع مراعاة الإفصاح والشفافية في التعامل، وفي تحديد الأسعار بناء على تفاعل طبيعي يوضح أن صانع السوق يعزز فرص التداول على الأوراق المالية المختارة من خلال ضمان أن المستثمرين يمكنهم تنفيذ أوامر البيع والشراء الخاصة بهم في أي وقت من الأوقات على أفضل سعر ممكن.

وهذا الوضع بدوره، يؤدي إلى تحسين استقرار الأسعار ودخول أحجام أكبر من أوامر البيع والشراء في سجل الأوامر مع مرور الوقت. ولا بد من القول، أنه في ظل وجود صانع السوق، من الصعوبة أن تتدفق عروض بيع من دون أن تقابلها طلبات شراء أو تتدفق طلبات شراء من دون أن تقابلها أوامر بيع.

دور مؤثر

قال د. عبد القادر غالب أنه بفضل صانع السوق فان أسواق المال تحتفظ في أغلب الأوقات بتوازن بين العرض والطلب وهذا بدوره يعمل على تضييق الفجوة بين سعري البيع والشراء، ان دور صانع السوق يلعب بدرجة مؤثرة في ثبات واستقرار الأسعار وفق قيمتها العادلة وهذا هو المطلب الأساسي، في نظرنا، لقيام أسواق المال ولتحقيق فلسفتها الهادفة.

وللأهمية، نتطلع لقيام أسواقنا بعمل كل المطلوب لتمكين صناع السوق من تنفيذ أدوارهم سعيا لتحقيق الفائدة المنشودة في ومن أسواقنا.

Email