أرصفة

الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحتفل العالم بذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، بوضع أكاليل الورد على قبر الجندي المجهول، إلا أن أحداً لم يذكر معاناة الناس، ولا مواقف الجنود الحرجة، وساعات موتهم بعيداً عن أهلهم وأولادهم وأحبابهم. ملايين من البشر ماتوا في هذه الحرب.

يقال إنه بعد سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقف بروفيسور بريطاني يدرّس التاريخ لطلابه في واحدة من الجامعات العريقة، كتب أمام طلابه: إن ضحايا الحرب 5000 نسمة، وانتظر رد فعل منهم، ثم صحح الرقم إلى (50.000) ولم يتأثر أحد منهم، وصحح الرقم إلى (500.000)، ولم يتأثر أي طالب، وهكذا ظل يزيد أصفاراً حتى وصل إلى الرقم (50 مليون) إنسان ضحايا الحرب العالمية الثانية، ولم يرَ أي رد فعل على طلابه.

سألهم : هل تعرفون لماذا لم تتأثروا بمقتل هذا العدد من البشر؟

وأكمل : لأنكم لم تعرفوا واحداً منهم، لو أنكم عرفتم واحداً من هذا العدد الهائل لبكيتم دماً. وها نحن نذكر الحرب بأكاليل الورد، ولا أحد يتأثر أو يبكي، أو حتى يحزن، لأننا لا نعرفهم.. لم نشاهد وجوههم، لم نشعر بجوعهم وعطشهم وخوفهم.

أو لم نرَ ما فعلت الصواريخ ولا الطائرات بهم وبأطفالهم وشيوخهم ونسائهم، هكذا هي الحروب، حصاد للرؤوس وللبنى وللحياة. لم تكن الحرب العالمية الثانية هي الأولى في تاريخ البشرية ولا الأخيرة.. جاءت بعدها حروب وحروب طالت بلداننا وبيوتنا وأهلنا، وفقدنا الكثير من الأعزاء علينا: إخوة أو أقارب أو حتى أصدقاء، إلا أن آلة الحرب لم تقف، ولم تتعظ البشرية، من نتائج الحروب التي عرفناها بالتاريخ القديم والحديث. متى سيتعظ الإنسان ويحاول أن ينشر السلام بين الناس والأمم والشعوب؟

Email