تقاعد المبدع

ت + ت - الحجم الطبيعي

المبدع لا يتقاعد، فكل من عرفتهم من المبدعين لم يتقاعدوا عن العمل والعطاء والإنتاج، كل حسب مستوى الصحة التي يتمتع بها، من يعلن تقاعده ذلك يعني نضوب عطائه الفني أو الأدبي، وهذا يتوقف على الفروقات الفردية بين المبدعين والظروف التي تحيط بهم؛ ماري منيب ظلت وفيه لفن المسرح، وحافظت على توهجها حتى انطفأت بموتها على الخشبة. عبدالوهاب تجاوز العقد التاسع واستمر في ألحانه المتميزة فأطرب الناس وأسعدهم ولم يستسلم للتقاعد. فيروز ما زالت حتى اليوم تحمل حنجرتها الماسية وتغازل الكواكب سفيرة للنجوم. وردة لم تعتزل أو تتقاعد حتى يومها الأخير في الحياة، نجيب محفوظ لم يتقاعد وهو في عقده التاسع، وحينما عجز عن الكتابة استعاض بالإملاء على مريديه بدل الكتابة؛ فكان يوسف القعيد أو جمال الغيطاني يكتبان ما يمليه عليهما، وبذلك تجاوز عجزه ولم يخضع للتقاعد.

أما إبرهيم جلال المخرج المبدع العراقي فقد أصيب في نهاية عمره بمرض السكري، واضطر الأطباء لبتر ساقيه، فاستعان بالكرسي المتنقل واستمر في عمله كمخرج مسرحي وسينمائي ولم يتقاعد أو يعتزل.

الراحل قاسم محمد حينما هده المرض، قاومه بممارسة الإخراج، وإن كان فوق الورق وليس على الخشبة، وبذلك ابتكر لنفسه وسيلة عوضته عن الخشبة.

وهناك أمثلة عديدة يطول ذكرها، إنما أريد أن أؤكد أن الفنان أو الأديب خزين لا ينضب من الإبداع، وبالضرورة لا أجد مبرراً لتقاعد المبدعين وإن طال بهم الزمن، وشاب منهم الرأس ما دام عطاءهم أخضر، وكلما زادت أعمارهم زادوا تجربة وخبرة قد لا تتوافر لدى الأجيال الشابة في مسيرة الإبداع والعطاء.

Email