قصة خبرية

باعه والده بـ« بيان حلفي» سداداً لديونه

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان وكيل النيابة أعد نفسه ليلقن الابن درساً في الأخلاق وبر الوالدين، فلا أثقل على نفسه من أن يتقدم إليه أب يشكو اعتداء ابنه عليه، وهو أمر لا يمكن التهاون معه، طلب الابن وجلس منتظراً دخوله وهو يستعرض الكلمات التي سيقولها.

عندما دخل المتهم عاجله المحقق مستهجناً سلوكه «كيف سولت لك نفسك أن ترفع يدك لتضرب أباك، ألا تخاف الله، ألا تعرف عظمة حق الأب عند الله». ولكن الشاب لم يبدُ عليه التأثر كما توقع وكيل النيابة، بل نظر إليه ببرود شديد، وقال بلهجة عربية ركيكة: أولاً أنا لم أضربه، ثانياً هو ليس أبي.

بدأ الشاب يروي قصته حيث كان في موطنه ابناً لعائلة فقيرة معوزة، وكانت أسرتهم تحتاج إلى ترميم منزلها خشية أن يسقط عليهم مع عواصف الشتاء الذي كان قريباً، وكان ذلك الرجل موسع الرزق نتيجة عمله في أبوظبي، وكان قريباً لهم، ومن الطبيعي أن يلجأوا إليه لمساعدتهم في محنتهم، والرجل لم يقصر، بل قدم كامل المبلغ المطلوب، مع طلب خجول بضرورة توثيق الدين رسمياً، وهذا ما حدث.

عرض

عاد الرجل إلى موطنه في الإجازة التالية، وكان من الطبيعي أن يطالب بماله وقد مر عليه الحول وأكثر، ولكن أسرة الفتى لم تكن قد تمكنت من جمع المبلغ، فاغتاظ الرجل وهدد حتى لم يجد والد الفتى سوى أن يعرض عليه أخذ ابنه الوحيد ليعمل لديه في الإمارات مقابل تسديد الدين.

وبالفعل قام بإلحاق الفتى باسمه في السجلات الرسمية في بلادهم تحت ورقة تسمى «بيان حلفي» يقر فيه بمحض إرادته أنه سلم ابنه المذكور إلى المتهم بصفته المتبنى له، ليقوم بتربيته ورعايته وتدريسه، وتعهد في الإقرار بعدم المطالبة باسترداد الولد..

وعلى إثر ذلك قام الرجل باستخراج جواز سفر جديد للفتى يحمل اسمه، باعتباره أباً له، ثم استصدر له تأشيرة دخول إلى الدولة، وتصريحاً بالإقامة فيها على هذا الأساس. وبعد وصوله إلى الدولة فوجئ بأنه لا يريد أن يعطيه كامل أجره تحت ذريعة استيفاء الدين، وهنا تصاعدت المشكلات بينهما، واعتدى الرجل عليه بالضرب، ثم ذهب ليسبقه بالشكوى.

نسب

لم يصدق وكيل النيابة في البداية كلام الفتى، فأحاله هو وأباه إلى المختبر الشرعي لفحص المورثات الجينية، فكانت النتيجة تصديقاً للقصة التي رواها الشاب الكبير، ودليل كذب من ادعى أنه أبوه. فقامت النيابة بإحالة المدعي إلى المحاكمة بتهمة تزوير جواز سفر شخص آخر، ونسبه إليه ابناً له على غير الحقيقة، وإحضاره إلى الدولة على هذا الأساس.

ومن جهتها، قضت المحكمة ببراءة المتهم مما أسند إليه، وأوضحت أنها استدلت على عدم القصد الجنائي بدليل توثيق الإقرار المتضمن التبني رسمياً من قبل سلطات بلاده، وهو ما يعد جهلاً من جانب المتهم في عدم شرعية إضافة الولد إليه في الأوراق الثبوتية المشار إليها في الاتهام باعتباره ابناً له ويحمل اسمه، ولم يكن جهله لعدم علمه بحكم من أحكام قانون العقوبات عذراً.

Email