حديث خرافة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخُرافة رجل استضافته الجنُّ، فحدّث بعجائب رآها فيهم، فقيل لكل عجيبٍ كذب؛ خُرافة!

قال أبو الْعتاهية:

إذا أخلو فأنت حديثي... وذلك كالحديث من ‌الْخُرافةْ

وُجدت الخرافة مع الإنسان، يلفها الكثير من الأسرار، فوقف منها موقف الدهشة والانبهار، غير أن عجزه عن حلها، وفك رموزها، شكل في نفسه قلقاً وهواجس وهموماً كباراً، فسعى في تبديد ذلك آناء الليل وأطراف النهار، فكان من ذلك حكايات خالدة ظلت تُروى إلى الآن.

هكذا ولدت الخرافة وهكذا نشأت، وهكذا صارت تروى حديثاً مستملحاً عذباً!.

وليس ثم شعب من الشعوب، ولا أمة من الأمم إلا وفيهم حظ من الخرافة! وحسبك أن اليونسكو سجلتها جنساً ثقافياً مستقلاً.

وإذا كانت الخرافة فيما مضى حديثاً مستملحاً مستعذباً، يشوق الكاتب والقارئ والرجل المهذب، فإنها مع الأيام أمست قصصاً يخوف بها الأطفال، وتسلية للنساء والرجال.

ولا يستخف بالخرافة، فالخرافة عندما تكتب في عصر من العصور، أو في دهر من الدهور، فإنها ولا شك تُعبّرُ بشكل أو بآخر عن تصورات الناس في تلك الحقبة، وذلك التاريخ.

إن ما جاء في الموروث الشعبي الإماراتي حول الكائنات الخرافية، يقوم في معظمه على شيء من الحقيقة رغم ما اعتراه من نسج الخيال والتضخيم.

لذا فهو يشكل مادة للباحث، يُعبر بها إلى التراث، ويتدسس في مكنوناته المتنوعة شفاهية، ومدونة، لينشئ منها سردية حكائية شعبية سوية.

ولقد نجح الدكتور عبد العزيز المسلم «مدير معهد الشارقة للتراث» في تحقيق ذلك، في كتابه الماتع «موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي».

فقد تحدث فيه عن «الخرّوفة» وجنسها الأدبي، وأسباب شيوعها وانتشارها، وطبيعة العلاقة بينها وبين المجتمع قبولاً ورفضاً، وتأثراً وتأثيراً. فخرّوفة أم الصبيان في الإمارات، هي نفسها «أم القرينة» في الشام، و«أم ملدم» في الآثار.

وقد زاد المسلّم كتابه قيمة وجمالاً، بأن صور فيه الكائنات الخرافية بريشة الرسام الروسي أليف تودربيك، فنقلها من أشكال خيالية إلى صور مجسدة.

Email