أقسام الشعر والشعراء1 ـ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

قسم العلماء الشعر على أساس الأغراض فقالوا: مديح، وهجاء، ووصف، وتشبيب، ومراثٍ، وزاد النابغة الاعتذار.

وقسموه قسمة أخرى فقالوا: مثل سائر، أو تشبيه باهر، أو استعارة لفظها فاخر.

وقسمه ثعلب إلى: أمر، ونهي، وخبر، واستخبار.

وقد يقسم على أساس الصناعة إلى نوعين: مطبوع ومصنوع، وزاد ابن حزم على الاثنين: شعر البراعة.

ويمكن تقسيمه من حيث الصحة والوضع إلى: صحيح، ومنحول، ومختلف عليه.

وفي هذا المقال نتحدث على اللفظ والمعنى.

قال أحد العلماء: تدبّرت الشعر فوجدته أربعة أضرب.

ضرب منه حسن لفظه وجاد معناه

وذلك كقول الشاعر:

‌يُغْضِي ‌حَيَاءً ‌وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِه ... فَلا يُكَلَّمُ إِلا حِينَ يَبْتَسِمُ

وكقول الآخر:

‌أيتُها ‌النَّفسُ ‌اجملي طَمعا ... إنَّ الَّذي تحْذرينَ قد وقَعا

لم يبتدئ أحد مرثية بأحسن من هذا.

وكقول أبى ذؤيب المشهور:

(‌والنَّفْسُ ‌راغِبَةٌ ‌إِذَا رَغَّبْتَها ... وإِذَا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقْنَعُ)

قال الأصمعىّ: هذا أبدع بيت قالته العرب.

وكقول النّابغة:

‌كِليِنِى ‌لهَمّ ‌يا ‌أميمةَ ‌ناصبِ ... وليلٍ أُقاسِيه بطيءِ الكواكبِ

والنَّصَبُ: الإِعياء والتَّعَبُ، وناصِبٌ أي مُنْصِبٌ.

لم يبتدئ أحد من المتقدمين بأحسن منه ولا أغرب.

ومثل هذا في الشعر كثير، ليس للإطالة به في هذا الموضع وجه.

وضرب منه حسن لفظه وحلا، فإذا أنت فتّشته لم تجد هناك فائدة في المعنى، كقول القائل:

وَلَمَّا قَضْيَنا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجَةٍ ... وَمَسَّحَ بالأرْكَانِ مَنْ هُوَ مَاسحُ

أخَذْنَا بِأَطْرَافِ الأحاديثِ بَيْنَنَا ... وَسَالتْ ‌بِأعْنَاقِ ‌المَطِيِّ ‌الأباطِحُ

فهذه الألفاظ حسنة المخارج والمطالع، ولكن بلا فائدة.

وضرب جاد معناه وقصرت ألفاظه، كقول لبيد بن ربيعة:

ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصّالح

قال ابن قتيبة: هذا وإن كان جيّد المعنى والسبك فإنّه قليل الماء والرّونق.

وضرب تأخّر معناه، وتأخّر لفظه، كقول الأعشى في امرأة:

‌وفُوها ‌كأقاحيَّ ... غَذَاهُ دائمُ الهَطْلِ

كما شيب براحٍ با ... ردٍ من عَسَل النحل

Email