يعدّ كتاب ‌«ألف ‌ليلة ‌وليلة» رائد كتب التسلية ‌والمتعة والإثارة؛ لما حوى من الحكايات الطريفة، والقصص الظريفة، والعبر الشريفة، التي جمعت بين الواقع والخيال؛ لذلك كانت هي الأكثر تأثيراً، والأشد سحراً وتصويراً في الأدبين؛ العالمي والإنساني، ما سيجعل تأثيرها في الأعمال الأدبية والإبداعية ظاهراً ولافتاً.

ولا غرو في ذلك، فالأعمال الفنية والإبداعية تستمد بقاءها وخلودها من جودتها الفنية، ومظاهر الإبداع والابتكار فيها.

قال الأستاذ كامل الكيلاني: «وهكذا يُقسَم لكل عجيب ممتع من القَصص أن يدوم، كما يقسم لأبطاله أن تبقى أسماؤهم على مر الأزمان، وأن تخلد حسناتهم وسيئاتهم على مر الأزمان». وقد كان.

أما أصله، فيكاد يتفق الباحثون على أنه ليس عربياً، على الرغم من أن شخصياته، وبيئاته، وأحداثه عربية صِرفة، بل شخصياته عباسية.

وبالرجوع إلى المصادر التاريخية، والمراجع الأدبية، والفهارس التراثية، نجدها في الأغلب تتفق على أن أصول «ألف ليلة وليلة» تتنازعها النسبة بين الفارسية والهندية، وإن رجح الأكثر فارسيتها.

قال ابن النديم: «أول من صنف الخرافات وجعل لها كتباً وأودعها الخزائن الفرس، وأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب «هزار ‌أفسان»، ومعناه ألف خرافة، فنقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء، والبلغاء، فهذبوه، ونمقوه، وصنفوا في معناه ما يشبهه. وفيه أن ملكاً من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة قتلها في اليوم الثاني، فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية، يقال لها شهرزاد، فلما حصلت معه ابتدأت تخرِّفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها، ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى أن أبقى عليها ألف ليلة وليلة.. فاستبقاها». وقد جعل الدكتور شوقي ضيف كتاب «هزار أفسان» هو نفسه كتاب ألف ليلة وليلة، وليس للعرب فضل فيه إلا الترجمة. والثابت أن العرب لم يكتفوا بالترجمة، بل حفظوا أصله، وزادوا عليه.