الخيام ورباعياته «2-2»

ت + ت - الحجم الطبيعي

توارد على ترجمة رباعيات الخيام - كما أسلفنا - جمع من الأدباء، والمترجمين الأذكياء، غير أن فتى إماراتياً تعلق قلبه منذ وقت مبكر فيها، إنه محمد صالح القرق «1936 – 2020».

أديب وشاعر إماراتي من مواليد دبي، تعلم تعلماً ذاتياً، فلم تكن ثمة مدارس في دبي آنذاك، فكان يختلف إلى الكتاتيب، وكانت له عناية في اقتناء الكتب، فتوفر له من ذلك مكتبة غنية بالمراجع والمصادر.

وكان مدمناً على حضور اللقاءات الأدبية، والاستماع إلى المحاضرات العلمية، واتصل بعدد من الأدباء، وأعلام الفكر، ودهاقنة القصة والرواية، خالدي الذكر؛ أمثال نجيب محفوظ، وحسين نصار، ومصطفى محمود، غير أن الروائي الطبيب د. نجيب الكيلاني كان أكثرهم لصوقاً به، وأقربهم إلى نفسه – كما حدثني - القرق بنفسه.

قضى القرق في تأمل أشعار الخيام أعواماً، فمنذ أن كان طالباً للشيخ القنبري وعمره 12 عاماً، كان الأستاذ يقرأ لتلميذه بين الحين والآخر، ما تيسر من «الرباعيات»، مما ولد شغفاً وعشقاً لدى التلميذ بحبها، وجعله يمني النفس بنظمها، وتحقيق حلمه الوليد، وأي حلم أجمل وأعذب من ترجمة الخيام الرشيد!! وظل الحلم يداعب خياله، والأمل يراود أحلامه، يدنوان تارة وينفران أخرى، حتى وقعا في شباكه، وأبى أن يرسلهما إلا وهما حقيقة في كتاب.

وعقد العزم على ذلك، وكان لسان حاله يقول:

فاسْتَخَرْتُ الله فِي ‌العَزْمِ؛ جَعَلْتُهُ أَمَامِي، وَالْحَزْمِ؛ جَعَلْتُهُ إِمَامِي.

ولأجل تحقيق حلمه، عكف القرق عشر سنوات أو يزيد، يعمل بلا كلل ولا ملل، على ترجمة رباعيات الخيام عن الفارسية، وهو بذلك يكون خاتمة المترجمين الذين أربوا على العشرين. وأحيرا قرت عين القرق بصدور الكتاب في حلة جميلة سِيَرَاءَ، مزدانة بالصور، ومكتوبة بخط جميل.

وقد بلغت الرباعيات مائتا رباعية، كتبت بلغة جميلة رائقة، تقترب بمعناها من النص الأصلي. ثم أضاف لترجمته ترجمتين أخريين؛ «الإنجليزية والفرنسية»، وجمعها كلها في صفحة واحدة، ما زاد في متعة القارئ المتذوق.

Email