اللغة العربية إلى أين؟ "55"

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أختلف مع الرأي الذي يقول إن طلاب المدارس والجامعات في هذا الزمن ينفرون من دروس اللغة العربية ولا يعطون هذه الدروس الاهتمام الكافي والتفاعل المطلوب.

وقد لاحظت بنفسي وأنا أقابل بعض الذين تخرجوا في الجامعات أنهم لا يحفظون حتى بيتاً واحداً من الشعر القديم أو الحديث رغم أن المناهج تضمنت هذا الشعر كما تضمنت فنون الأدب العربي الأخرى، مثل كليلة ودمنة لابن المقفع، والبخلاء للجاحظ، والمقامات الحمدانية، وغيرها.

فما السبب الذي جعل هؤلاء الطلبة يتخرجون بلا مخزون أدبي يفيدهم ويظهر ثقافتهم؟

أتذكر شخصياً أننا كنا في الصفوف الابتدائية والإعدادية نحفظ قصائد كثيرة للشعراء العرب من مختلف الحقب والأزمان.

كنت أحفظ لامرئ القيس، وهو شاعر جاهلي، ولحسان بن ثابت، شاعر الرسول، صلى الله عليه وسلّم، والأخطل وجرير والفرزدق، شعراء العصر الأموي.

والسبب الرئيس من وجهة نظري هو المدرس أو المعلم، فهو الذي كان يجعل من درسه ميداناً للمنافسة.

كان يطلب منا إلقاء الشعر أمامه وأمام زملائنا، ونحظى بالتصفيق وكلمات الاستحسان إذا أجدنا الإلقاء ولم نخطئ في الإعراب.

كان يروي لنا قصص معن بن زائدة وحاتم الطائي وامرئ القيس وعنترة بن شداد، وكانت تلك الروايات تجذبنا وتجعلنا نشعر بالسعادة ونحن نتابع المعلم ونتوقع أن يتوجه إلينا بسؤال ليتأكد من انتباهنا ومتابعتنا لدرسه.

المعلمون في هذا الزمن مبدعون في جميع المواد العلمية والتكنولوجية، ولكن حتى لا يضيع الطلاب في شرح هذه المواد باللغة العربية التي لا يتقنونها، فهم يشرحون دروسهم باللغة الإنجليزية.

ولكن النتيجة ضعف الطلبة في اللغة العربية، وضياع هذه اللغة أمام الإصرار على عدم استخدامها إلا في دروس اللغة العربية.

وللحديث بقية.

Email