لحظات الحرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضم الزحام الذي يعصف برأسي، كانت ثمة موسيقى تتناهى من بعيد، قررت الإنصات والاقتراب منها، لوهلة تمكنت من تجاهل الزحام في رأسي، فلم أسمع تلك الموسيقى تصدح في رأسي منذ زمن بعيد فيبدو أن أحدهم قرر استبدالها بطنين متواصل.

الحياة معقدة، وقد تعصف بواحد مثلي، لكن هذا أفضل ما يمكن الحصول عليه، وتلك الموسيقى تبعث على نسمات الحرية والانعتاق من كل شيء، دار بخلدي، في كثير من الأحيان نحتاج إلى فسحة من الهدوء والسلام الداخلي.

فجأة، قفزت إلى ذهني فكرة حصر تلك اللحظات التي يمكن الشعور فيها بالحرية، ووجدتني أبحث عن لحظات التحرر من كل هذا التعقيد الذي يكتنف حياتنا، لحظات الشعور بالحرية والانعتاق من كل شيء، من أجل ممارسة الحياة بالطريقة التي تناسبنا.

الحياة في المدن معقدة متعبة تجعلك تشعر بنوع من العصبية أو لنقل بنوع من النشوة أو تلبسك روح المدينة النشطة والهمة العالية فتشعر كأنك في سباق غير قادر على مواكبته تلهث وراء اللاهثين لكن عليك مواصلة السباق.

عقولنا قد تصنع لنا قيوداً تقيد حريتنا قد تبدو أحياناً قيوداً وهميةً مثل الزمن والوظيفة والمجتمع والبنوك وشركات الاتصالات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

وهكذا وضعت قائمة باللحظات التي يمكن أن أجد فيها الحرية، مثل، سماع قراءة القرآن الكريم بصوت شجي، أو سماع الموسيقى التي نحب، أو الغوص بين صفحات كتاب شيق، أو التأمل أو السفر، أو حتى القيادة على الخطوط الطويلة لأنها تمنحك وقتاً لتكون وحيداً مع ذاتك، الخروج إلى الصحراء، أو إلى العراء بعيداً عن أضواء المدن والتعرض لأشعة القمر ورؤية السماء الصافية والنجوم، بل إن الحصول على وقت لمحاورة الذات قد يكفي للحصول على لحظة الحرية التي تنعش النفس، هنالك دائماً صوت داخلي في كثير من الأحيان لا نسمح له بتوجيه رغباتنا وطموحاتنا، ما نتحدث به غالباً مع أنفسنا يكون سلبياً، وقد توصلت دراسة أجرتها جامعة أميركية إلى أن أكثر من 80% مما نحدث به أنفسنا يكون سلبياً، وأن تلك النسبة المرتفعة من الأحاديث السلبية تتسبب في أكثر من 75% من الأمراض التي تصيبنا، بما فيها أمراض الضغط والسكر والنوبات القلبية وغيرها، وكثير من المرض يبدأ بالوهم، لذلك علينا أن نتعلم التحدث مع الذات بإيجابية، العقل البشري يمكن برمجته وعلى الإنسان أن يكون سيد عقله ليتمكن من تحويل حياته إلى رحلة من السعادة والصحة والنجاح.

Email