التواصل.. ضرورة بفن

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أهم مقومات العلاقات الاجتماعية وأساسها المتين هو التواصل، رغم اختلاف صور هذا التواصل باختلاف العلاقات، لكن ما زال هو المكوّن السحري والسرّي لنجاحها، لكن المفاجئ ورغم انتشار وسائل التواصل وأنواعها وتفوّق التكنولوجيا في استخدامها بمختلف الطرق، فإن العلاقات باتت في فتور وجفاف حتى وصل بعضها لمرحة الموت «الإكلينيكي»، فلا نجد أي صورة توحي بأواصل هذا التواصل منعكسة على أي علاقة اجتماعية كالأسرة بأكملها من علاقة الأزواج لعلاقة الأبناء وعلاقة الأهل، لننتقل للمجتمع حولنا، كعلاقة الأصدقاء، وعلاقة زملاء العمل.

من وجهة نظري، التواصل بين الأزواج هو أهمها، لأن من هنا تبدأ البذرة بالنمو فتزهر وتثمر لمجتمع متواصل، لكن كيف وقد نرى أن الزوج والزوجة يلعبان أدوار الأزواج فقط، وكل في وادٍ، لذلك نرى هشاشة العلاقة وسرعان سقوطها وتحطمها مع أول موجة أو مواجهة لتحديات الحياة، فالأساس غير موجود.

التواصل الذكي، المبني على ذكاء العواطف وذكاء العلاقات الاجتماعية، هو التواصل بفن، لأنك هنا ستتفهم مشاعرك وتعرف جيداً ماذا تريد وأين تريد أن تصل مع ذاتك أولاً ثم يأتي فهمك في كيفية تعاملك مع مشاعر الآخرين حولك، وتبدأ تواصلك بفن، فيكون التفنن بأسلوب الحديث المثمر المؤدي للهدف للحصول على النتائج، أو التواصل عن طريق الإيحاءات أو الرسائل غير المباشرة، وفي النهاية تعتمد الطريقة والوسيلة على الطرف المستقبل وظروفه ووضعه وثقافته واستعداده أيضاً. ومن فنون التواصل غير فن الحديث، هو فن الوضوح والصراحة لأنها أقصر الطرق للقلوب.

تخيل أنك تسقي شجرة من البلاستيك، وتهتم بها بكل الطرق والوسائل، هل تعتقد أنها ستنمو أو تتغير أو تزهر أو تثمر؟! ومن جانب آخر إن كانت هناك شجرة حية جميلة ومشرقة بخضارها لكن هنا لم تعرها أي اهتمام ولم تهتم برعايتها ولم تعرف ما تحتاجه أساساً لترعاها، بعد فترة من الزمن تعتقد أنها ستعيش؟! هكذا تواصلك مع الآخر يعطي الحياة للعلاقة يوضح طريقها وينيره، لا تدع جذور الآخر تمتد خارجاً تبحث عمّن يسقيها ويرعاها، ولا تدع الآخر ينادي ولا يسمع سوى صدى صوته.

ورغم زخم وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها أصبحت وسائل الانفصال الاجتماعي، فقد انشغل كلٌّ بنفسه وليس ذاته بل بجهازه لا يعرف ما يدور في حياته إلا بصدمة أو صفعة وربما يكون قد فات الأوان لإعادة الترميم.

تواصلوا بحب، تواصلوا مع ذواتكم أولاً وابنوا جسور تواصلكم مع كل عالمكم، الحياة تحتاج أخذاً وعطاءً، وهذا أهم قانون للتوازن، أنصتوا بحب وتكلموا بحب، الحب قيمة الكون والخليقة الأولى، وأساس التواصل بفن.

Email