هكذا أصبح أبناؤنا كتّاباً

ت + ت - الحجم الطبيعي

عام زايد، عام الخير، وعام القراءة، عناوين خصصت لها سنوات، ولها دلالاتها ولها معانيها وأهميتها في نفوسنا؛ فكل عنوان منها لنا عودة إليه ولا بد؛ تقول إحداهن: تذكرت عام القراءة وأنا أمد يدي إلى أحد الأرفف في المكتبة لأسحب كتيباً صغيراً ملوناً، اكتشفت أنه مجموعة قصص لليافعين، ولم أرفع عيني حتى انتهيت من قراءة شيء بدا لي مثيراً للدهشة، أثناءها قلت: هكذا أصبح أبناؤنا كتّاباً دون أن يقرؤوا!

صحيح، لماذا لا يقرأ أبناؤنا بعد عام القراءة؟ واحدة من أدوات الاستمرار في تنفيذ برامجنا الوطنية هي القراءة، وميزتها أنها واحدة من الفعاليات التي لا تحتاج إلى ضجة وميزانية كبيرة، يكفي أن «يأخذ كل واحد منا باله من نفسه» ولو فعل هذا أبناؤنا لكتبوا بشكل أفضل.

نحن نتضايق كثيراً من عزوف هؤلاء عن القراءة، ونكتب كثيراً في هذا الموضوع، واليوم ما إن تدخل مكتبة أو محل بيع كتب، حتى تطل برؤوسها في وجهك الكتب التي ينشرونها بالتعاون مع المكتبات، في إطار شيء غريب يشبه «موضة» النشر التجاري. من قصص الصغار إلى الرواية.. تطالعك هذه الأعمال وحتى المسرحيات، إنتاج غزير، والكتّاب تتراوح أعمارهم بين سن طلاب المدارس والجامعات وبين الشباب الأكبر قليلاً أحياناً، وما إن تتصفح كتبهم «الغضة» حتى تشفق عليهم، والسبب أنهم ليسوا كتّاباً، ولكنهم قد يكونون موهوبين وينقصهم تعلم القراءة!

من تجاربنا كلنا نتذكر أولى كتاباتنا التي لم تكن أفضل من هذه كثيراً، لكن كانت تجارب احتفظنا بها لأنفسنا إلى أن تعلمنا من الممارسة، فهل لدى هؤلاء الصبر الذي يجعلهم يحتفظون بتجاربهم؟ أو لدى بعض الجهات التي تقوم بالنشر العشوائي الصبر عليهم حتى يقرؤوا؟

مثلما أن هناك ورشاً للكتابة الإبداعية نتمنى أن تكون هنــاك ورش للقراءة الإبداعية؛ ولِمَ لا؟! تلاميذ المدارس وطلاب الجامعــات ترشح مدارسهم وجامعاتهم المتفوقيـن منهم أو الموهوبين للالتحاق بهذه الفصول، والمؤسسات الثقافية بما لديها من كتّـاب محترفين ومتخصصين في اللغة العربية والنقد، وغالبيتهم الآن مــن المواطنين، يمكنها أن تمحو أمية القراءة بورش القراءة الإبداعية الموازية للكتابة الإبداعية، فلا يلوم أحدنا الآخر، لا نتهمهم بتدني مستواهم الإبداعي جزافاً، ولا يتهموننا بالسعي إلى فرض الأبوية.

Email