وحدة مصير العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر العالم بمرحلة حرجة مع تراكم تداعيات أزمات كبرى، آخرها الحرب في أوكرانيا، ويهدد استمرار الحرب بدون أفق حل سريع ملايين السكان في أنحاء العالم، خاصة في الدول ذات الدخل المنخفض، بسبب ارتفاع تكاليف الغذاء، وتعثر سلاسل الإمداد الحيوية المتعلقة بتلبية الاحتياجات اليومية للسكان.

إن انقسام العالم إلى أقطاب متنافسة في الحرب والاقتصاد، يؤدي إلى مفاقمة الأزمات المعيشية في العالم، وهذا وضع ينبغي إيجاد حل له على مستوى قيادات الأقطاب المتنازعة، ففي النهاية التداعيات السلبية لن تستثني بلداً غنياً، ولن تكون مقتصرة على البلدان الفقيرة.

فالدرس الذي تعلمته البشرية من تفشي جائحة «كوفيد 19» كان كاشفاً وحاسماً في أن البشرية في مركب واحد، ولن يغرق بلد دون آخر حين تكون الأزمات ذات بعد دولي.

إن تخطي العالم للأزمة التي تلوح في الأفق على شكل تضخم وركود يتبعه، ما زال من الممكن احتواؤها، وهذا يتطلب منظوراً جديداً في العلاقات الدولية يقوم على أساس وحدة مصير البشرية، وهذا ينطبق حتى على الحروب الناشبة في العالم، فالبعد العسكري لم يعد هو سيد الموقف في حالتي الانتصار والهزيمة، لأن التداخل والتشابك الاقتصادي والاجتماعي بين دول العالم يجعل إعادة تفكيك العولمة عودة للتاريخ إلى الوراء، وبتكاليف باهظة قد لا ينجو منها أحد.

فالعالم يعيش مرحلة من التاريخ عنوانها التكامل، وسبيل النجاة من أي أزمة يكمن في الحوار وابتكار تسويات مسؤولة تجنب البشرية مزيداً من الآلام والمعاناة، وإلا فإن طريق التأزيم والاستقطاب سيعيد إلى العالم ملفات اعتقد الجميع أنها باتت من التاريخ، مثل المجاعات وعودة أوبئة قديمة إلى الظهور مجدداً، فضلاً عن التحديات المستقبلية المشتركة، وعلى رأسها التغير المناخي.

Email