مصر لا تقبل القسمة على اثنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليست لحظة شخصية، للرئيس المصري الجديد، تلك اللحظة التي شهدت تنصيبه رئيساً لمصر، ودلالات اللحظة تقول ما هو فوق الاحتفال بالجمهورية السادسة في مصر.

هي مصر التي لا تقبل القسمة على اثنين، مصر التي تتطابق تاريخاً وشعباً وتكويناً مع دلالات الرقم واحد، وهو رقم غير قابل للقسمة، والذين يحاولون تقسيمه، يريدون تحويل مصر إلى كسور وأعشار، دون رادع، سيماهم في أفعالهم من أثر السعي لهدم مصر، تحت عناوين جاذبة وبراقة.

إذ يقال إن مصر لا تقبل القسمة على اثنين، يقال الكلام على محمل التذكير بأن تكوين مصر التاريخي ضد الانقسام والصراع على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي.

الذي رأيناه في بحر السنين الثلاث الفائتة، كان فناً جديداً، يضاف إلى قائمة الفنون غير الجميلة في العالم العربي، أي تنفيذ القسمة على اثنين، على أساس ثنائيات جديدة، الجيش والشعب، الإخوان والسلفية، الفلول والمعارضة، الإسلام والمسيحية، والثنائيات لا حد لها ولا حصر.

السعي لتوظيف هذه الثنائيات القاتلة، كان محموماً، لأن الغاية شطر روح مصر الموحدة، تأسيساً لقسمة بقية الشعوب العربية، ما دامت الأم قد أباحت العقوق.

لحظة تنصيب السيسي نتطلع إليها هنا باعتبارها بوابة للدولة والشعب، وهو شعب أنهكته ملفات كثيرة، من الفقر مروراً بالتطرف، ثم الخوف من المستقبل، والالتباس هنا شديد، ويريد الغاضبون من التحول أن تتم إدامة هذا الالتباس، فتضيق أرواح المصريين، وتتصّعد إلى السماء، قلقاً وضنكاً من حاضرهم ومستقبلهم، والغاية المستورة وراء ذلك، تسييل الشعار الذي يقول : إما نحن في السلطة وإما تفكيك مصر حجراً حجراً!

تدلف مصر بوابة الجمهورية السادسة، والمراهنات على إفشال الجمهورية، كبيرة، والشعب المصري يعرف أن إفشال السعي للعودة للاستقرار، إفشال مدفوع الثمن، والمصري أيضاً سيدفع ثمن الفوضى التي يتم استدراجه إليها، ومعه الشقيق العربي وكل الإقليم، المتقلب على جمر الفوضى، ونار التطرف والمذهبيات والجهل والفقر.

مساندة الإمارات لمصر في جمهوريتها السادسة، لا يحق لأحد حصرها وتصغيرها في إطار مساندة اتجاه سياسي ضد آخر، فهذه إذابة غير أخلاقية لدوافع الإمارات، التي تريد رد الروح إلى مصر شعباً ودولةً.

هي تعرف أن لهذه الدولة إرثاً لا يصح التفريط به، من التسامح والوسطية، فوق دورها التاريخي، باعتبارها حاضنة من حاضنات العرب التقليدية، وهي حاضنة لم تخسر دورها، ولم يتم تهديد هذا الدور مثلما شهدنا عبر السنين الفائتة، إذ تم التلاعب بكل الكيمياء التي تتسم بها مصر.

نقف إلى جانب مصر، ولن نقف مكتوفي الأيدي، أمام أي تهديدات قد تواجه هذا البلد، ونعرف أن ملفات شائكة في طرق العهد الجديد، من الوضع الاقتصادي، مروراً بالتطرف والإرهاب، ثم الصراع على السلطة، فوق السر الغامض، الذي يقول إن هناك من يريد للفوضى الخلاقة أن ُتقسّم مصر مثنى وثلاث ورباع، فتصير مجرد كسور وأعشار، يتم تقاذفها بين عواصم تتطاول أعناقها سياسياً بدور ليس لها.

لم نقرأ لحظة التنصيب، باعتبارها لحظة تنصيب رئيس جديد فقط، فمصر خاصرة العرب التي تؤلمنا أوجاعها، وكلامنا للأشقاء المصريين، أن عليهم التنبه في وجه كل من يحاول اختطاف مصر، إلى المجهول، والجمهورية السادسة ميلاد جديد، لمصر وللعرب وللإقليم.

هي لحظة تقول إن مصر عصية على التقسيم، وعلى القسمة على اثنين، وقدرها يقول إنها ولدت ُموحّدة وستبقى كذلك.

Email