روسيا تطفئ الحرائق

ت + ت - الحجم الطبيعي

المتتبع لمجريات الأحداث على الساحة الدولية على مدى العقدين الماضيين يلاحظ بوضوح أن واشنطن وحلف الناتو، منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، يسعيان لإشعال الحرائق في مختلف أنحاء العالم، بينما كرست روسيا، خاصة في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كل جهدها لإطفاء هذه الحرائق المتعمدة، ابتداء من غزو العراق في 2003، الذي عارضته موسكو بشدة، ومروراً ببداية تصعيد أزمة البرنامج النووي الإيراني في عام 2004، الذي لم تكفَّ موسكو فيها عن الدعوة إلى الحوار، بينما كان الآخرون يدقون طبول الحرب، وبعد عشر سنوات تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب بفضل المساعي الروسية.

وذلك باعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه، وما زالت روسيا تطفئ الحرائق، وتبذل قصارى جهدها لإنهاء الأزمة في أوكرانيا عن طريق المباحثات السلمية بين الأطراف، ونجحت في عقد اتفاقات «مينسك 1،2» لوقف القتال بمشاركة الأوروبيين والأطراف المتنازعة في أوكرانيا، لكن الحرائق لم تهدأ هناك؛ لأن واشنطن والناتو لايزالان يدعمان آلة الحرب في أوكرانيا، ويكيلان الاتهامات لروسيا بأنها سبب الأزمة.

أما في سوريا فإن الجهود الروسية لإطفاء الحرائق هناك لم تتوقف منذ اندلاع الأزمة، ورغم اتهامات البعض لروسيا بدعمها نظام بشار الأسد، إلا أن كافة أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج مع ممثلي النظام لبَّت نداءات موسكو للجلوس للحوار والتفاوض أكثر من مرة، علماً بأن أية جهة أخرى في العالم لم تنجح في جمع هذه الأطياف للجلوس معاً، ولا ننسى الدور الذي قامت به روسيا لحل أزمة الكيماوي السوري، التي كادت أن تشعل حرباً قوية في المنطقة.

روسيا لا تؤمن باستخدام القوة سبيلاً لحل الأزمات، وهي على يقين بأن من يستخدمون القوة ويدعون إلى استخدامها لا تهمهم مصالح الشعوب والأوطان من قريب أو بعيد، بل يبحثون عن مصالحهم الخاصة، ولهذا نرى هذه الجهات بالتحديد تكيل الاتهامات لروسيا زوراً وبهتاناً، لأنها تعيق مخططاتهم وتطفئ حرائقهم، ولا تتوقف تصريحات القادة الأميركيين عن اعتبار روسيا ألدّ أعداء الولايات المتحدة، رغم أن روسيا لم تفكر ولن تفكر مطلقاً في الاعتداء على الولايات المتحدة، ولا على أي دولة أخرى.

Email