دولة التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

يذكر لنا التاريخ أن إبراهام لنكولن، ورغم حربه مع ولايات الجنوب التي امتدت سبع سنوات، فيما عرف بالحرب الأهلية الأميركية، الا انه وبعد توحيد الاتحاد كان حريصا على لغة اخرى تماما، بعيدة عن لغة التعصب والتخوين والاستئصال، وانتهج مسارا للتنمية وتعزيز روح الاتحاد، الأمر الذي جعله واحدا من اعظم رؤساء وزعماء اميركا والعالم.

والتاريخ يذكرنا مرة اخرى انه وبعد خروج نلسون مانديلا من السجن الذي سكن فيه 27 عاما، وبعد ان اصبح رئيسا لجنوب افريقيا، قاوم كل التيارات والأصوات التي حاولت تحريضه ضد الأقلية البيضاء التي سجنته طوال تلك المدة، لكنه رفض لغة الانتقام، واصر على بناء دولة تتسع للجميع، ونجح في ذلك رغم بعض الحوادث التي وقعت بين السود والبيض، وكان حريصا على ابعاد الدولة عن كل مظاهر التعصب العرقي، رغم ما عاناه من طوال فترة سجنه.

ما جرى مع لنكولن وبعده مانديلا ربما يصلح مسارات لكثير من الدول العربية التي خاصمها ابناؤها لأسباب متنوعة، بعضها مرده الى القهر والقمع ومصادرة الحريات، وبعضه بسبب البطالة وقلة العمل التي تعاني منها غالبية الدول العربية، وما نتج عن ذلك من تيارات التشدد والغلو التي ضربت هذه الدول، وكان للشباب النصيب الأكبر من هذا التشوه الذي اصاب البنية الفكرية لكثير من الشباب العربي، ودفعهم للخروج على الدولة واشهار السلاح بوجهها.

التسامح واستيعاب الجميع والتركيز على بناء الدولة اكثر من القتل هو السلاح والعلاج الذي تحتاجه كثير من دول العالم العربي اليوم، بدلا من نشر بذور الكراهية ولغة التهييج التي يمارسها البعض، وخاصة من جانب الإعلام، الذي يبدو في دول عدة هو رأس الحربة في توجيه التهم والحكم على الآخرين، حتى قبل صدور احكام قضائية فيه.

الى كل من يدعو للقتل والاستئصال.. لم ولن تفلح اي دولة قامت على لغة التهديد والوعيد، ولن ينجح اي تيار خرج على الدولة واشهر السلاح في وجهها، والجميع خاسرون، والعقلاء هم اهل الحل والعقد في هذا الشأن.

Email