أكثر من اليونان

ربما يكون المريض اليوناني أو القضية اليونانية هي أكبر علل الاتحاد الأوروبي حالياً، لكنها بالطبع ليست الوحيدة لأن أمراض الاقتصاد كثيرة في القارة العجوز، بل ومتشعبة ومعقدة ربما تجعل أوروبا تقف على الحافة.

قبل سنوات عدة، وتحديداً في بداية الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالكون منذ العام 2008 تخوف العالم من أن عقد الاتحاد الأوروبي قد ينفرط، خصوصاً أن الضربة كانت موجعة واقتصاد الاتحاد الأوروبي كان الأكبر في العالم مجتمعاً، وبالتالي فالتأثيرات المصاحبة قد تكون كارثية.

لكن أوروبا تفادت وبصعوبة تلك المرحلة رغم أن آثارها ما زالت تضرب اليوم في الخواصر الأوروبية ومنها اليونان، وربما إسبانيا وايرلندا، وحتى إيطاليا، ما زالت جميعها في دائرة الخطر مع تنامي نسب العجز في الميزان التجاري.

ربما تكون المشكلة اقتصادية بالدرجة الأولى لكنها بالطبع لن تقتصر على ذلك، بل إن القلاقل وعدم الاستقرار الاجتماعي سيكونان أبرز ملامح أزمة اليونان الأوروبي ومعه كامل القارة التي لم تتعاف بعد من أزمة 2008 .

أوروبا وطوال 50 عاماً بعد الحرب الكونية الثانية نجحت في تكوين كيان سياسي اقتصادي عملاق وثقته وعززته بالتشريعات والرفاه الاجتماعي المثير للإعجاب وتوجته بمبادئ حرية الرأي والحريات الشخصية. الأزمة الأخيرة قد تهوي باليونان إلى مربع الإفلاس، وهو أمر لا يريده جميع الأطراف سواء اليونان نفسها أو أوروبا، لكن قد يكون آخر الدواء هو الكي، هذا إذا ظهر أن هناك دواء للعلة المستعصية منذ سنوات.

ربما يكون من المبالغة طرح سؤال «تفتت أوروبا»، لكن الأحداث الجارية حالياً والتي منبعها الاقتصاد قد تضع الكثير من علامات السؤال على قوة تماسك الاتحاد الذي يجد نفسه اليوم محاطاً بأزمات وتحديات ليست سهلة.

كلنا يتذكر قبل سنوات كيف انعكست الأزمة على رجل الشارع في اليونان واشتبك المحتجون مع قوات الأمن، خصوصاً أن الكثير من اليونانيين ينظرون بالريبة إلى الإصلاحات التي ينفذونها ويتهمون ألمانيا بأنها سبب إذلالهم، والبطالة تنهش الشباب اليوناني منذ سنوات، الأمر الذي يعني أن أوروبا تقف على مفترق طرق، فهل تنجح في الخروج من دوامة الاقتصاد؟ سؤال قد تجيب عنه الأيام المقبلة.

الأكثر مشاركة