ماذا بعد بوتين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يملأ الحديث عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأوساط السياسية والإعلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وربما لم يحظَ رئيس دولة في التاريخ الحديث بمثل ما حظي به بوتين من صيت وشهرة، وما حظيت به شخصيته القوية من جدل كبير، لدرجة أن وسائل إعلام أكبر خصوم روسيا في الغرب، الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب انتقاداتها الحادة له، وهجومها عليه، تختاره عدة مرات أقوى شخصية في العالم.

لقد طغى الحديث حول بوتين وشخصيته حتى على الدولة، روسيا نفسها، وهذا ما دفع البعض للسؤال الجدلي الكبير «وماذا بعد بوتين؟»، هذا السؤال الذي لم يبرز بقوة حتى الآن، نظراً لأن الموعد المنظور لرحيل بوتين عن الحكم ما زال بعيداً، خاصة مع شعبيته الكاسحة المستمرة في الازدياد، والتي ترشحه للبقاء في الرئاسة حتى عام 2024.

مشكلة بوتين عند خصومه في الغرب أنه شخصية مفعمة بالوطنية، بدرجة تصل إلى حد الحساسية الشديدة تجاه كل ما يمكن أن يمس وطنه وشعبه بسوء، وهذا الأمر يصعب على مفاهيم الغرب الرأسمالي الديمقراطي استيعابه والتعامل معه، ولأن الشعب الروسي من أكثر شعوب العالم وعياً وممارسة للسياسة، وأكثرهم وطنية أيضاً، فقد استوعب ذلك جيداً منذ البداية..

وتمسك بهذا القائد القوي الوطني، ولهذا، فشلت كل محاولات الغرب في إثارة الساحة الداخلية في روسيا ضد بوتين، وزادت شعبيته بالدرجة التي فشلت معها كل دعاية الغرب ضده واتهامه بالديكتاتورية والقمع لشعبه، إذ لا يمكن أن يوصف بهذه الأوصاف شخص يحظى بهذه الشعبية، وبهذا الصيت والجاذبية داخل وخارج وطنه.

السؤال «ماذا بعد بوتين؟»، إجابته هي «إنجازات بوتين»، هذه الإنجازات التي لا يمكن لأي حاكم لروسيا من بعده أن يتخلى عنها، وحلم خصوم بوتين في الغرب في ما بعد بوتين، هو كما يقال «أمل إبليس في الجنة»، لأن خليفة بوتين لا يستطيع أن يهدم ما بناه بوتين من إنجازات عملاقة، ولا يملك إلا أن يكون مثله، أو ربما أقوى منه وأكثر وطنية، حتى يحظى بما حظي به بوتين من شعبية داخل روسيا وخارجها.

Email