في ذكرى النكبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخامس عشر من مايو كل سنة، منذ 1948، يحيي الفلسطينيون ذكرى نكبتهم، ولا يزالون مصرين على أنها نكبة للعرب أيضاً. العالم الغربي ادعى سنة 1948 وهو يعلن قيام دولة الكيان أنه يعالج نتائج ما تعرض له اليهود بفعل النازية، لكنّه حتى لو سعى فعلاً لذلك الهدف، تسبّب بنكبة لشعب لا ذنب له في مآسي اليهود، كما أنها كانت سابقة تاريخية أن تحل مشكلة طائفة دينية بأن تصنع لها دولة خاصة.

لقد كانت مؤامرة أعطت الأرض الفلسطينية لعصابات على حساب شعب كامل وجد نفسه مشتّتاً في المنافي، وحين ناضل لاسترداد حقوقه وصف كثيرون في هذا العالم نضاله بالإرهاب، وكل من يتعاطف معه باللاسامي، وتجاهل أن هذا الشعب لديه كل ما يثبت أن الأرض التي وهبتها القوى المتجبّرة للعصابات هي أراض فلسطينية، بل إن قرار التقسيم لعام 1947 ينص على «تقسيم فلسطين» إلى دولتين، أي أنه نصّاً يعتبر الأرض التاريخية كلّها أرض فلسطين.

سبع وستون سنة تمر، والذاكرة الفلسطينية عامرة بذكريات جروح النكبة وجراحها، وستبقى هذه الذاكرة تعضّ على الشفاه من الوجعِ المزمن، وتتأوه من قلق السنين على وطن يبكي نفسه ويشكو لله وللتاريخ الأقربين وهو يواجه الأبعدين.

ومهما تكالبت المؤامرات وتعمّق الجرح وارتفعت مناسيب الإحباط والتخاذل، ستنبت في تربة النضال الفلسطيني أشجار تتجذّر وذاكرة تسقط نظرية الصهاينة القائمةِ على مبدأ «يموتُ الكبارُ وينسى الصغار»، ها هو الشعب الفلسطيني، بعدَ سبعة ستينَ عاماً وأكثر، يبقى صابراً مرابطِاً في حين أن صغارهُ همْ أكثرُ حرصاً وتمسكاً بحقِ العودةِ. أليس المولودون في فترة ما بعد الاحتلال بنسخة الـ 67 هم من فجّروا انتفاضة 1987؟.

67 عاماً مضت على إنشاء الكيان الإسرائيلي على أنقاض مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين اقتلعتهم مؤامرة دولية من أرض أجدادهم، من بيوتهم وأملاكهم، إلى مناطق الشتات في شتى بقاع الأرض. وبينما يحتفل هذا الكيان بما يسميه زوراً وتضليلاً «عيد الاستقلال»، يتذكر الفلسطينيون نكبتهم بمزيد من الحسرة الممزوجة بروح الإصرار على العودة مهما طال الزمن، فالحقوق لا تموت بالتقادم ولا تتبخّر على حرارة المؤامرات.

Email