ذكرى الحرب وتزوير التاريخ

غدا التاسع من مايو الذكرى الـ70 للانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية، وبهذه المناسبة تقيم روسيا احتفالات كبيرة وعرضا عسكريا غير مسبوق على الساحة الحمراء في موسكو، ويحضر الاحتفالات نحو 30 زعيم دولة ورئيس حكومة، وممثلون لمعظم دول العالم، لكن هناك من أرادوا إفساد هذه الذكرى وهذا الاحتفال الكبير، وقرروا عدم الحضور.

ومنهم الرئيس الأميركي أوباما الذي تحجج بمشغولياته، ورئيس الوزراء البريطاني وتوابعهما من الدول مثل جورجيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا واسرائيل والسويد والنرويج، هؤلاء أعلنوا أنهم لن يحضروا.

ومن الواضح أن واشنطن ولندن حشدتا وضغطتا لمنع الكثير من القادة من الحضور، لكنهما لم يستطيعا التأثير سوى على هذه الدول الصغيرة التابعة لهما، بينما قادة كبار الدول المؤثرة على الساحة سيحضرون الاحتفال، والمستشارة الألمانية التي أرادت التحايل على الضغوط الأميركية فقررت أن تحضر إلى موسكو في اليوم التالي 10 مايو لتضع مع الرئيس بوتين الزهور على قبر الجندي المجهول.

لا يختلف اثنان في العالم على أن دور روسيا السوفييتية وجيشها الأحمر وتضحيات شعبها هي العوامل التي حسمت الحرب على النازية، فقد قدم الاتحاد السوفييتي أكثر من 25 مليون مواطن ذهبوا ضحايا هذه الحرب، وأكثر منهم من الجرحى والذين فقدوا ذويهم وبيوتهم.

ولا ينكر أحد في العالم هذه الحقائق، حتى الأميركيين اعترفوا بها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي على لسان الرئيس الأسبق بيل كلينتون أثناء حضوره اليوبيل الخمسين لهذه المناسبة في روسيا عام 1995، وكان هذا أول اعتراف رسمي أميركي بفضل الجيش الأحمر السوفييتي في إنقاذ العالم من النازية.

ربما لهذا لا تحتفل باقي دول الحلفاء الذين شاركوا معا في الحرب ضد المحور النازي بهذه المناسبة حتى لا يضطروا للإشادة بالدور الروسي في الحرب، وربما لهذا لا يسمونها في روسيا «الحرب العالمية» بل يسمونها «الحرب الوطنية العظمى».

وكانوا في أوكرانيا يستخدمون نفس التسمية لكنهم قرروا هذا العام أن يسموها «الحرب العالمية» بهدف إضعاف الدور الروسي فيها، وهو الموقف الذي تراه موسكو تزويراً للتاريخ.

روسيا تحتفل بالانتصار على النازية لأنها ترفض الحرب وتؤمن بالسلام، أما دعاة الحروب وصانعوها فلا يحتفلون بالنصر ولا يحبونه لأنه يصنع السلام الذي يمنع الحرب التي هي صناعتهم الرئيسة ومصدر ثرواتهم.

الأكثر مشاركة