روسيا والاستثنائية الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاد الحديث في روسيا حول «الاستثنائية الأميركية»، وذلك أثناء اجتماع مجلس الأمن الروسي بقيادة الرئيس بوتين يوم الأربعاء 25 مارس، وهو الاجتماع الذي خصص للحديث حول الاستراتيجية القومية الأميركية التي أعلن عنها أخيراً في واشنطن، والتي تعكس عداء واضحا لروسيا.

حيث بدا من هذه الاستراتيجية أن واشنطن مصممة على التمسك بإبقاء هيمنتها على العالم، ومصممة على عزل روسيا سياسيا واقتصاديا وضربها في كافة الأسواق، بما فيها السوقين النووية والعسكرية، كما أنها مصممة على اعتبار القوة العسكرية وسيلة رئيسية لضمان الأمن والمصالح الأميركية، وأيضا مصممة على تطوير قدرات حلف الناتو وتوجيهه في الدول المجاورة للحدود الروسية.

من الواضح أن الأزمة الأوكرانية تشكل سببا رئيسيا في هذه العداء الأميركي لروسيا، حيث إن الاستراتيجية الأميركية الماضية التي أعلن عنها عام 2010 لم تكن تحوي أي عداء لروسيا، اما الاستراتيجية الجديدة فتحمل في طياتها تهديدات عدة لروسيا، من بينها قيام واشنطن بزرع الخلافات بين روسيا وحلفائها وشركائها، والسعي لإضعاف نفوذ روسيا في الجمهوريات السوفيتية السابقة، ولم يستبعد مجلس الأمن الروسي سعي واشنطن لتطوير أساليب ما يعرف بـ«الثورات الملونة»، مع احتمال كبير لتطبيقها داخل روسيا.

أهم ما خلص إليه اجتماع مجلس الأمن الروسي أن الاستراتيجية الأميركية بنيت على أساس مبدأ الاستثنائية الأميركية وحق واشنطن في اتخاذ خطوات أحادية الجانب لحماية المصالح الأميركية ودفعها عبر العالم، هذه الاستثنائية التي سبق أن صرح بها الرئيس أوباما علنا في خطابه الاتحادي في سبتمبر عام 2010، ورد عليه الرئيس الروسي بوتين فورا بمقال خص به صحيفة نيويورك تايمز قال فيه: «من الخطير جدّاً تشجيع الناس على رؤية أنفسهم استثناء دون الآخرين، مهما كانت الدوافع.

هناك بلدان كبيرة وبلدان صغيرة، فقيرة وغنية، جميعنا مختلفون، لكننا علينا أن لا ننسى أن الله خلقنا متساوين».

 ردا على الاستثنائية الأميركية صرح بوتين منذ أيام بأنه «لم ولن يجرؤ أحد على تخويف روسيا، وكل ما يهدد أمننا القومي سيلاقي الرد المناسب»، كما أضاف بوتين أن «الأوضاع تتغير للأفضل لصالح روسيا، ليس لكوننا نملك امتيازا من أحد، وإنما لكوننا أقوياء».

كل هذا ربما يفسر التكثيف العسكري الروسي على مدى عام مضى منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، هذا التكثيف الذي يحمل رسالة واضحة ردا على الاستثنائية الأميركية.

 

Email