كيري متحدثاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تأتِ تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأميركية مصادفة عند الحديث عن المفاوضات مع الأسد وضرورة بقائه في الحكم فهي تتوج تماماً المفاوضات الجارية في سويسرا بين إيران من جهة ودول أوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى. الولايات المتحدة تسعى إلى حل للملف الإيراني وتسجيل انتصار قبل أن يغادر اوباما البيت الأبيض العام المقبل وبنفس الوقت عينها على المنطقة وملفاتها الشائكة التي لا تنتهي، والتي حولت قضية مصــيرية مثل القضية الفلسطينية إلى قضية ثانوية.

وبعد أن تحركت أميركا وباتت صــــواريخها قريبة من قصر الأسد وقواعده العسكرية ووقفت أنظار العالم تتابع الخطوات الأميركية تراجـــع الرئيس الأميركي فجأة في خطـــــوة غير مفهومة رغم الأدلة الناصعة على استخدام الأسلـــحة المحرمة دولياً ولم يفهم العالم في ذلك الوقت النــــظرة الأميركية والمصالح التي ترسم لها.

مفاوضات سويسرا الجارية تعطي بعداً تفسيرياً واضحاً للتراجع الأميركي فهي تسعى الى اتفاقية مع إيران، وبنفس الوقت إيران لديها مصالح استراتيجية مع سوريا فهي الحليف الأبرز لنظام الأسد منذ عقود ويعزى إليها، ذلك النفس الطويل لقوات الأسد بعد 4 سنوات من القتال الشرس من خلال الدعم المالي واللوجستي والعسكري المباشر وغير المباشر، ولهذا كان لابد من التقاء مصالح الطرفين عند هذه النقطة وكانت تصريحات كيري الأخيرة هي الترجمة الفعلية لهذا الاتفاق حتى ولو تم بعد حين.

قبل سنوات عندما بدأت أخبار النشاط النووي الإيراني بالتواتر والظهور وكثر الحديث عن توجه أميركي لضرب المفاعل الإيراني، كان هناك قلة من الناس على يقين من أن اميركا لن تقوم بهذه الخطوة، خصوصاً ان احتلال وتدمير بلد كامل مثل العراق كانت إيران اكبر مستفيد من هذا المشروع، فهي اليوم صاحبة اليد الطويلة في العراق وقواتها باتت رأس الحربة في عمليات الجيش العراقي والتصريحات الإيرانية حول حلم الامبراطورية وان العراق جزء منها ليس مفاجئاً وكله يفسر عملياً لعبة المصالح الدولية.

بالقول الفصيح التقت مصالح أميركا مع المصالح الإيرانية والاتفاق النووي بات وشيكاً وإيران اقتربت من حلمها الذي حذر منه ذات يوم ملك الأردن وكل ذلك وجمهور من 300 مليون عربي يتفرج على مسرح الأحداث التي تجري على أرضه والحركة تقتصر فقط على ردود أفعال لا تقدم ولا تؤخر.

Email