نحن والروس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر، مناسبة لإعادة التذكير بالحقائق الأساسية الخاصة بالعلاقات العربية - الروسية.

الحقيقة الأولى، في وعي أبناء الجيل الذي انتمى إليه، هي أننا خضنا حرب أكتوبر بالأسلحة الروسية وتكتيكات القتال الروسية. وما زلت أتذكر بوضوح بالغ مدارس المعركة التي تلقى الكثير من المقاتلين العرب تدريبهم فيها، وهي فكرة منقولة من تجربة القتال الروسية في ستالينجراد، حيث يجري الجمع في آن بين العمل القتالي ورفع مستوى أداء المقاتلين عبر التدريب الميداني.

لا حصر للمرات التي سئلت فيها عن أهم كتاب ترجم إلى اللغة العربية في القرن العشرين، وفي كل مرة كانت إجابتي هي أن هذا الكتاب هو «القتال بنيران كتائب وألوية صواريخ سام» الذي ترجمه ضباط مصريون في أكاديمية فرونز بالاتحاد السوفييتي من الروسية إلى العربية، واستفادت منه أعداد لا حصر لها من المقاتلين العرب.

الحقيقة الثانية التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا هي أن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي، ومن ثم إن علينا أن نتوقع أطراً مختلفة للعلاقات العربية - الروسية، وأن نقبل هذا الاختلاف ونتعامل معه بموضوعية.

الحقيقة الثالثة تنعكس بوضوح في برنامج المباحثات التي يجريها بوتين في القاهرة، في زيارة تشمل التوقيع على عدد من الاتفاقيات التجارية المهمة، وتتضمن مناقشة لإسهامات الجانب الروسي في المؤتمر الاقتصادي الذي تعد مصر لعقده في مارس المقبل، إضافة إلى تناول مواقف القاهرة وموسكو من تطورات المنطقة ومشكلاتها المتفاقمة.

وتتعدد الحقائق في هذا الإطار، ولكن تبرز بصفة خاصة الحقيقة المتعلقة بتقارب مواقف القاهرة وموسكو من سبل حل المشكلات المعقدة في سوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة.

ونتوقف طويلاً عند حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان، فالعلاقة بين القاهرة وموسكو هي علاقة تاريخية بين شعبين شهدت تطورات بالإيجاب والسلب، لكنها كانت دائماً تعتمد على هويتها الذاتية، وليست رد فعل للعلاقة بطرف ثالث، أو هكذا ينبغي دائماً أن تكون.

 

Email