لا جدوى من الضغوط على روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الهدف من تصعيد الأزمة الأوكرانية ووضع العراقيل أمام كافة حلولها هو روسيا وليس أوكرانيا، ولأن واشنطن وحلف الناتو لا يقدران على المواجهة مع روسيا لأنهما يدركان أكثر من غيرهما مدى قوتها، فقد حاولا جرها لحرب داخلية في أوكرانيا تستنزف قوتها وتظهرها أمام العالم كدولة معتدية على جيرانها، لكن من الواضح أن هذا المخطط أيضاً فشل ويصعب الاستمرار فيه..

وذلك بعد الفشل الذريع لقوات النظام الحاكم في كييف في قهر المقاومة الشعبية في شرق أوكرانيا، مما اضطر بوروشينكو رئيس النظام أن يعترف بهزيمة جيشه ويلجأ للهدنة ووقف القتال بعد أن اعترف بأن جيشه خسر أكثر من نصف قوته، والجميع يرفض إمداد أوكرانيا بالسلاح، بما فيهم واشنطن والناتو، خشية الصدام المباشر مع روسيا.

أيضاً من الواضح أن سلاح العقوبات على روسيا لم يؤت ثماره، وذلك بعد رفض الغالبية من الدول، إن لم يكن تقريباً جميعها، المشاركة فيه ضد روسيا، حتى العديد من كبرى الشركات الأميركية ترفض المشاركة، وحتى الآن مازالت موسكو تتحفظ في الرد على العقوبات الغربية، وهو الأمر الذي يلقى احترام وتقدير العديد من الجهات الغربية التي تعلم أن لدى روسيا ردوداً قوية لكنها لا تستخدمها حفاظاً على سمعتها العالمية وعلى علاقاتها مع الدول الأوروبية، وتصميماً منها على فصل الاقتصاد عن السياسة.

وقد تصور البعض أن انخفاض أسعار النفط واهتزاز أوضاع العملة الروسية سيؤثران على الموقف الروسي، لكن من يعرف روسيا وشعبها وتاريخها القديم والحديث يعلم جيداً أن هذه الدولة دحرت كل الأعداء والغزاة وهي في أسوأ أحوالها الاقتصادية، وأنها أنقذت البشرية من النازية وحطمت الرايخ الثالث وجيوشه بينما شعبها كان يعيش في مجاعة كبيرة واقتصادها منهار تماماً..

ولم تكن روسيا في تاريخها قوة اقتصادية، لكنها كانت دائماً قوة عظمى يخشاها الجميع، واقتصادها الآن، رغم كل الأزمات، يعتبر في مستوى جيد، ويستطيع الصمود أمام كافة الضغوط، وانخفاض أسعار النفط لن يستمر لأن الآخرين لن يتحملونه، بينما روسيا تستطيع تحمله، والعملة الروسية قد تضعف مؤقتاً لكنها لن تنهار بل ستصمد وتعود لقوتها بعودة ارتفاع أسعار النفط.

كل هذا يعلمه الغرب وتعلمه واشنطن جيداً، لكن تجار الحروب ومحترفي «صناعة العدو» لهم أهداف أخرى بعيدة تماماً عن السلم والأمن الدوليين.

 

Email