حكايات مردوخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخرج علينا قطب الإعلام روبرت مردوخ ليطالب بمحاسبة المسلمين جميعاً وتحميلهم المسؤولية عن أحداث باريس وهذا جزء مقبل ربما من حملة إعلامية قادمة ضد كل ما هو إسلامي أو عربي.

إذا كان الأمر كذلك، وهو أخذ مليار ونصف المليار مسلم بجريرة فئة قليلة، فهنا تستدعي الذاكرة محاكم التفتيش الأوروبية والفظائع التي ارتكبت ضد المسلمين في تلك الفترة المظلمة من تاريخ القارة العجوز. ويمكننا أيضا أن نحمل المسؤولية لكامل القارة باعتبارها مسؤولة عن مقتل 50 مليوناً من البشر في الحرب الكونية الثانية دون أن ننسى أيضاً الحرب الصليبية التي شنت هي الأخرى باسم الدين وأحياها جورج بوش في حربه الأخيرة ضد العراق وأفغانستان.

لا أعتقد أن أوروبا بكاملها تشاطر السيد مردوخ نظريته تلك، بدليل تلك الردود الحادة التي جاءت من جي كي رولينج صاحبة السلسلة الشهيرة هاري بوتر على كلام مردوخ وتذكيره بمحاكم التفتيش وحتى براءتها من مسيحية مردوخ نفسه. ولا مانع من تذكيره أيضاً بفضيحة التجسس التي قامت بها إحدى صحفه الصفراء على خصوصيات الناس في بريطانيا وتحميله المسؤولية كاملة فهو المالك لها.

بما أن السيد مردوخ يميل الى تحميل المسلمين المسؤولية عن حادث قام به عدة أفراد ويرغب في استرحام عالمي من المسلمين الذين دانوا ذلك بكل اللغات، فهو بالطبع يتذكر ما عانته شعوب هذه المنطقة من استعمار فرنسي وبريطاني ومقتل مليون جزائري دون أن تعتذر فرنسا حتى اليوم ودون أي اعتذار من بريطانيا عن مسؤوليتها بتسليم فلسطين لليهود.

بالطبع نحن المسلمين ندين القتل العشوائي من أي جهة كانت ولا شبهات في هذا الأمر سواء أحداث باريس أو غيرها، وبنفس الوقت نتذكر مقتل نصف مليون عراقي من قبل القوات الأميركية واستخدام النابالم في الفلوجة ومقتل الآلاف في غزة من بينهم 150 طفلاً لا علاقة لهم بالإرهاب والقتال، وهذه أعمال لم نسمع من السيد مردوخ أو غيره شجبها أو انتقادها أو أنه حمّل مسؤوليتها لأحد.

الحديث عن تحميل المسلمين مسؤولية أحداث يقوم بها أفراد لا يمكن تفسيره إلا وفق سياق ازدواجية المعايير وسوء الفهم الذي يواجه ملياراً ونصف المليار مسلم.

 

Email