بوتين يُحذّر الكبار والصغار

أثار إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين«الصيغة الجديدة للعقيدة العسكرية الروسية» ردود فعل قوية، خاصة في واشنطن، وأجمعت الآراء على أن هذه العقيدة الروسية الجديدة سترفع حدة التوتر والاضطراب على الساحة الدولية لدرجة أعلى مما كانت عليه في زمن الحرب الباردة، وأطلق عليها البعض وصف «عقيدة الحرب النووية القادمة»..

إذ إنه لأول مرة تصرح روسيا عن استعدادها لاستخدام السلاح النووي في حالة التهديد المباشر لها بسلاح مماثل أو أي نوع من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو «ضد حلفائها»، بل أكثر من ذلك تضمنت العقيدة الروسية الجديدة بنداً يتيح لروسيا الحق في استخدام السلاح النووي حتى ولو لم تستخدمه القوة الأخرى المعادية لها، وذلك في حالة وجود خطر يهدد وجود الدولة الروسية، ونصت الصيغة الجديدة على أن قرار استخدام السلاح النووي حق لرئيس الدولة وحده.

وأشار نص العقيدة الجديدة إلى الأخطار العسكرية المحتملة على روسيا، مثل إقامة ونشر منظومة الدفاع الصاروخي الأميركي في دول أوروبية مجاورة لروسيا، وكذلك نشر وزيادة القوات الأجنبية في الدول والمياه المجاورة، وأيضاً إقامة أنظمة حكم في الدول المجاورة تكون سياستها مهددة للمصالح الروسية.

هذا التهديد الصريح باستخدام القوة العسكرية، بما فيها السلاح النووي يبدو للكثيرين أنه موجه بشكل مباشر ضد الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، لكن على ما يبدو أن هناك آخرين تعنيهم العقيدة العسكرية الروسية الجديدة، وهم الدول الصغيرة الحجم والشأن التي أبدت استعدادها التام للتعاون العسكري مع واشنطن وحلف الناتو ضد روسيا، هذه الدول في شرق أوروبا، مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا وجمهوريات البلطيق الثلاث «أستونيا ولاتفيا وليتوانيا»، وغيرها من الدول التي فتحت أراضيها لقوات حلف الناتو ولمنظومة الدفاع الصاروخي الأميركية، ودول أخرى مثل أوكرانيا وجورجيا، كل هذه الدول تعنيهم العقيدة العسكرية الروسية، وتعتبرهم مصدر تهديد مباشر لأمنها القومي..

وعلى هذه الدول الصغيرة أن تعيد حساباتها جيداً حتى لا تجد نفسها يوماً ما هدفاً مباشراً لهجوم عسكري روسي، ولن ينفعها أحد حينذاك، لا واشنطن ولا الناتو اللذين لا يجرؤان على مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، ودرس جورجيا عام 2008 مازال أمام الجميع، عندما حلقت الطائرات الروسية فوق رأس الرئيس الجورجي ساكاشفيلي على بعد بضعة كيلومترات من القاعدة الأميركية في تبليسي، ولم يُحرّك الأميركان ساكناً لإنقاذ حليفهم.

 

الأكثر مشاركة