روسيا ولغة العقوبات

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يقول رئيس فرنسا فرانسوا هولاند، إنه يريد من الدول الغربية أن ترفع العقوبات المفروضة على روسيا إذا تحقق تقدم في محادثات الشهر الحالي، بشأن الصراع في أوكرانيا، فإن في هذا الكلام تراجعاً ما، ستحدّد ماهيته ومداه الأسابيع المقبلة. وحين يتعلّق الأمر بدولة بحجم روسيا، فإن ما بعد الـ«إذا» في كلام هولاند يفقد كثيراً من وزنه.

في حالة روسيا، يحاول الرئيس الفرنسي طمأنة شركائه في الغرب بأن الرئيس فلاديمير بوتين لا يريد أن يضم شرق أوكرانيا، ويقول لهم، إنه سمع هذا الكلام من بوتين شخصياً. لم يسأله أحد إن كانت العقوبات رداً على استعادة القرم أم لقطع الطريق على ضم شرق أوكرانيا، لكنّ سياسياً مثل سيغمار غابريل، نائب المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أشدّ استشعاراً لما يقوم به الغرب من لعب بالنار مع روسيا.

لذلك فهو يحذّر من فرض عقوبات إضافية عليها، ربما ليس حباً في عيون سيد الكرملين، إنما هي واقعية من يدرك حصول ما يكفي من نشوة بانهيار الاتحاد السوفييتي، وأن عهد بوريس يلتسين انتهى سريعاً.

الألماني غابريل ليس في الموقع السياسي الأول في بلاده، إنما هو أقرب إلى الأرض، ولا يرى الواقع من برج عاجي أو من الشرفة، ولهذا فإنه استخدم عبارة «خطر كبير» حين تحدث عن العقوبات على روسيا. هولاند لم يتحدث عن نتائج وتداعيات، لكن يمكن اشتمام الرائحة ذاتها من كلامه، علماً بأن ما لم يستطع البوح به، أصبح دارجاً على ألسنة سياسيين ومحللين في أوروبا والغرب، حتى لو لجأ بعض الصحف العريقة في الغرب إلى تحويل الأمنيات والأوهام إلى «تقارير»، كما في أزمات كثيرة.

الخلاصة التي سنراها على شكل سياسة قادمة أن روسيا، أحبها البعض أم كرهها، ليست دولة تنفع معها لغة العقوبات التي اعترف باراك أوباما نفسه بفشلها مع كوبا، واعتبرها «سياسة عفا عليها الزمن». هذا يعني ويؤكد أن حركة التاريخ لا يوجهها مقود سيارة أو جناح طائرة أو خيال هوليوودي، بل صيرورة تحددها موازين القوى بكل مفاعيلها، واستنادها للضرورة التاريخية التي تطرب للقصائد لكنها لا تخضع لها.

 

Email