عام الإرادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالنسبة للكثير من المصريين، يشكل عام 2015 عاماً حاسماً، فهو العام الذي ستتبلور فيه الاتجاهات السياسية، التي تشكل طريق المستقبل، وهو أيضاً العام الذي ستوضع فيه النقاط على الحروف بالنسبة للقضايا الأكثر أهمية على الصعيد الاقتصادي.

ربما لهذا، على وجه الدقة، لم يتردد الكثير من الباحثين والمحللين والمعلقين في وصف عام 2015 بالعديد من الأوصاف الدالة، فهو العام الصعب، وعام التحدي، وعام الحسم، وغير ذلك كثير. لكن هذا كله، في واقع الأمر، لا يجعل معالم العام ولا آفاقه أكثر وضوحاً، وإنما هو فقط يراكم المزيد من الغموض وعلامات الاستفهام حول ما يتعين القيام به على الساحة المصرية في هذا العام؟!

لقد سبق لنا، القول، وها نحن نكرر هنا، ولا بد من التأكيد في المستقبل أن الأولوية على الساحة المصرية ينبغي أن تكون لانعقاد الإرادة السياسية على ما سيتم إنجازه، وبلورة هذا الانعقاد في رؤية سياسية واضحة وصريحة ومحددة، تترجم المطلوب إلى خطط ومراحل واضحة.

دعنا نكن صرحاء وواضحين، ففي كل تجربة تحديث كللت بالنجاح كان انعقاد الإرادة السياسية هو المنطلق الأساسي الذي تبدأ به تجربة التحديث، وكان لا بد من تحقيقه مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن باهظاً.

ومسيرة مصر ليست استثناء من هذه القاعدة، وبالتالي فإن انعقاد الإرادة السياسية للمصريين على آليات دقيقة ومحددة للمسيرة في المرحلة المقبلة شرط أساسي لا بد من تحقيقه، ولا جدوى من الالتفاف حوله أو محاولة تجنبه، ومن المحتم بلورته في شكل رؤية سياسية مدرجة في وثيقة محددة تلزم الجميع، وتقطع الطريق على التحايل والفهلوة والالتفاف، وهو ما رأينا بوادره من بعض القوى السياسية.

هذا الاستحقاق يفرض نفسه بقوة ووضوح وإلحاح، والانتخابات البرلمانية تشكل المنعطف الأول الذي سيمثل اختباراً لمدى نجاح المصريين في تحقيق إجماع الإرادة هذه.

لاحظ أن مصر تتمتع برصيد سياسي ممتاز، وهي تتصدى لهذه المهمة التاريخية الصعبة، فهناك قيادة سياسية تتمتع بالوعي وبالحرص والقدرة على أداء المهام، وهناك قوى وطنية تدرك الأهمية المطلقة لهذه المرحلة من المسيرة المصيرية، وهناك أيضاً العديد من الأشقاء والأصدقاء والحلفاء، الذين يقفون إلى جوار مصر في المنعطف الصعب.

كل هذا يشكل عناصر تدفع الشعب المصري إلى تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، ويؤكد أن غياب هذا الإنجاز هو أمر يستحيل القبول به، لأنه يفتح الباب لرياح الفوضى والتخبط، وهو أمر لا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال.

 

Email