ما لم يقله السيسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما يتطلع الكثير من المصريين إلى نتائج الزيارة التي يستهلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين، ويرون فيها خطوة لها أهميتها البالغة، فإن اهتمام عدد كبير من المتابعين للساحة السياسية المصرية ينصرف إلى اللقاء بين السيسي، وعدد من أبرز المفكرين والكتاب المصريين، الذي تم أخيراً.

هذا اللقاء الاستثنائي لم يكن مؤتمراً صحافياً، ولا ندوة يمكن الخروج منها بأخبار وعناوين للنشرات والصحف، وإنما كان حواراً فكرياً معمقاً بين السيسي ومن شهدوا وقائعه، ولهذا فإن مؤسسة الرئاسة تركت للضمير المهني لدى هؤلاء الكتاب والمفكرين أن يملي عليهم ما يعلنون، وما يحجبونه من وقائع اللقاء، في حديثهم عنه مع أجهزة الإعلام.

اللافت للنظر حقاً أن السيسي خلال هذا اللقاء استمع أكثر مما تحدث، لكنه عندما تحدث كان ما قاله يستحق التوقف عنده طويلاً، وربما أكثر مما فعلت أجهزة الإعلام المصرية حتى الآن.

الروائي يوسف القعيد، في تلخيص لوقائع اللقاء، ركز على بعدين محددين، أولهما انتقاد السيسي لعصر مبارك، وتأكيده، أن الرجل كان ينبغي أن يرحل عن سدة السلطة قبل عقد منتصف العقد على الأقل، والثاني أن مصر تواجه مجموعة معقدة من المشكلات، يتطلب حلها قدراً هائلاً من الاستثمارات، وفي مقدمتها مشكلات الأمن والتعليم والطب والطاقة وغيرها كثيراً.

الكاتب محمد سلماوي شدد على أن أهم ما قدمه السيسي في اللقاء يتمثل في فلسفة نظامه.

ومن المؤكد أن تلك هي صياغة سلماوي للخطوط العريضة، التي طرحها السيسي في اللقاء، فما لم يقله السيسي في هذا اللقاء، وفي أي لقاء آخر عقد معه، هو هذا الجانب على وجه التحديد، أي فلسفة نظامه.

دعنا نتذكر أن السيسي، حتى في حملته الانتخابية، لم يقدم برنامجاً متكاملاً بالمعنى المتعارف عليه، وهو يظل بعيداً عن بلورة فلسفة لنظامه، كما عبر سلماوي أو رؤية لمستقبل مصر، إن شئت الدقة.

هذه الرؤية أو الفلسفة ربما يمكن أن نتوقع إعلانها على لسان السيسي قريباً، في ما نأمل، لكن بلورتها ليست مهمة وحده، وإنما هي ما ينبغي أن تنجزه مصر بكاملها، وخاصة عبر نخبتها، جنباً إلى جنب مع إيضاح التحالف السياسي، الذي يتعين أن يقود المسيرة في المرحلة المقبلة.

 

Email