بوتين هو المشكلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي بأن الدول الغربية تقر علناً بأن الهدف من عقوباتها المفروضة على روسيا يتمثل في «تغيير النظام» فيها..

وفي واشنطن يقولون إنه كلما زادت العقوبات على روسيا سوف يتأثر الاقتصاد وسوف تندلع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بوتين. أوكرانيا، كدولة وشعب، لا تهم واشنطن في شيء سوى ما يخدم المصالح الأميركية بشكل عام، والعلاقات الأميركية- الروسية تسير من السيئ للأسوأ، ولا أمل في تحسنها طالما بقى بوتين في الحكم، ومع الاحتمال الأكبر ببقائه لفترة رئاسة ثانية، أي حتى عام 2024، فإن الأمور ستزداد اشتعالاً وتأزماً، حتى لو تم حل الأزمة في أوكرانيا، وهو أمر مستبعد في المستقبل القريب، فإن بقاء بوتين سيظل يشكل في حد ذاته مشكلة كبيرة للولايات المتحدة الأميركية.

ولكن ما هي المشكلة في بوتين؟

البعض يرى أن لدى بوتين طموحات لاستعادة أمجاد روسيا السابقة، سواء السوفييتية أو القيصرية، وأنه يسعى لاستعادة مكانة روسيا على الساحة الدولية كقوة عظمى تؤثر بشكل فعال وأساسي في تسيير الأمور وتسعى لتوطيد نفوذها الإقليمي على جيرانها ومد نفوذها خارج إقليمها على الساحة الدولية، الأمر الذي سيشكل مصدر تهديد مباشر للنفوذ والهيمنة الأميركية.

هذا التصور، حتى لو صح، فإنه لا يشكل جوهر «مشكلة بوتين» لدى واشنطن، فالاتحاد السوفييتي كان يملك النفوذ الإقليمي والدولي، لكن الولايات المتحدة استفادت من وراء ذلك الكثير، حيث استطاعت بدورها مد نفوذها في كافة أنحاء الأرض تحت شعار مكافحة المد الشيوعي الأحمر.

المشكلة الحقيقية في بوتين لدى واشنطن أنه منذ وصوله للحكم في روسيا في مطلع الألفية لم يخف عدم رضاه عن سياسات القطب الأوحد الأميركي المهيمنة على العالم، والتي أحدثت خللاً كبيراً في موازين القوى، وهمشت تماماً دور القانون الدولي والمنظمات الدولية، وسعت تنشر الحروب والدمار في مختلف أنحاء العالم، وسعت للتدخل في شؤون الدول الأخرى وخرق سيادتها وتغيير أنظمتها بما يخدم مصالحها.

سعي بوتين لاستعادة روسيا قوتها ومكانتها ليس لطموحات شخصية لديه، ولا من أجل استعادة أمجاد روسيا، بل بهدف إصلاح الخلل الواضح في موازين القوى الدولية، وإصلاح أخطاء القطب الأوحد الأميركي، وإعادة الهيبة للقانون الدولي والمنظمات الدولية، وهذا ما تعتبره واشنطن أكبر تهديد لها، ولهذا تعتبر بوتين أكبر مشكلة تواجهها الآن.

 

Email