داعش.. خلفاء التتار

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع ما يعيشه العالم العربي من اضطرابات وأزمات حصاد ما يسمى بالربيع العربي الذي سُير لمصالح معينة، فإن تنظيم «داعش» الذي نشأ في فترة قصيرة وانتشر بسرعة كبيرة مسيطراً على قلب الوطن العربي في الشام والعراق، كان هو اللغز الأكبر بظهوره المفاجئ والسريع. فجماعة داعش وما يطلق عليها من تسميات، هي نسخة كربونية في النشأة عن دولة التتار، التي غزت الدولة الإسلامية، وكانت تعرف وقتها بالدولة الخوارزمية.

ففي مقارنة خاطفة للنشأة بين دولة التتار وداعش، لا نجد الفروق في كيفية التوسع بالدولة إلا في مسميات المناطق المغزوة، حيث إن التتار بدأوا بالتوسع تدريجيا في المناطق المحيطة بمنغوليا شمال الصين، وسرعان ما اتسعت سيطرتهم حتى بلغت حدودها من كوريا شرقًا إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية غربًا..

ومن سهول سيبيريا شمالاً إلى بحر الصين جنوبًا. وفي المقابل نجد أن توسع داعش التي ظهرت في سوريا كتنظيم منفصل عن القاعدة، بدأ بسيطرة التنظيم على مساحات واسعة في سوريا والعراق. ورغم اختلاف الوجوه والأجسام والأسماء بين الجماعتين، إلا أنهما تتطابقان في الجوهر والمضمون، من حقد وضغينة ووحشية.

داعش والتتار يتسمون بمواصفات تميزهم عن نشأة الدول الطبيعية، من حيث سرعة الانتشار، وقوة التنظيم، بالإضافة إلى أنهم بلا قلب، فحروبهما حروب تخريب، لا يهمهم تاريخ أو حضارة، ويشنون حروب إبادة جماعية مشبعين بالطبائع الدموية. وهذه الصفات لا تجتمع إلا في جيوش لا تحكمها قوانين ولا أديان..

ولا تعترف بالشرائع الإلهية ولا الأعراف المجتمعية، وتجمعها الهمجية والإجرام وأبشع أنواع التوحش والطغيان. ولم يعرف العصر الحديث مثل هذه الجرائم والممارسات، إلا عند الصهاينة الذين كانت نشأتهم مبنية في الإجرام على ارتكاب أبشع الجرائم في تاريخ البشرية. وتسير داعش في عصرنا الحالي بخطوات مطابقة لنهج التتار والصهاينة، تبث السموم في عقول شباب مغيبين عن الواقع وحقائق التاريخ.

داعش خطر تشكل لأهداف استعمارية، ولإدخال الوطن العربي في دوامة تستمر تبعاتها لعقود طويلة. وفي ظل هذه التطورات المتنامية بانتشار داعش، فإن العالم العربي أحوج من أي وقت سابق، لأن يكون صفاً واحداً، لاستئصال هذه النبتة السرطانية من جذورها، قبل أن تستفحل شرورها ويتسع ضررها، ليس في المنطقة فحسب، بل وفي العالم كله.

Email