"الأقصى" والتقسيم والعرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الموظّف يأخذ إجازة أسبوعية يوماً أو يومين، أما المستوطنون فأصبحوا يقتحمون المسجد الأقصى يومياً وبلا إجازة. هذا ليس مجرّد تصعيد كمّي لسلوك تحوّل في الإعلام العربي إلى ما يشبه نشرة الطقس، بل تسخين يسبق اشتعال المحرّك، رغم أن صيف الاحتلال الملتهب في القدس وفلسطين كلّها، لا يكترث بخريف شراذم العرب والعشرة آلاف جماعة من المسلمين.

فصيف القدس حار دائماً، ويزداد حرارة كلّما اقترب أحد الاستحقاقات المتدرّجة على سلّم التهويد الصهيوني.

الجمعيات الاستيطانية والمستوطنون والمؤسسة الرسمية في الكيان الإسرائيلي، هي الحجارة الثلاثة التي يغلي عليها قدر التهويد على نار تهدأ وتشتد تبعاً لحسابات تطال كل شيء، إلا وجود عرب أو مسلمين على سطح هذا الكوكب.

الجمعيات الاستيطانية تستخدم الحيل والنصب وبعض الحثالة من ضعاف النفوس الفلسطينيين، في تسعير نار التهويد حول المسجد الأقصى، من خلال الاستيلاء على منازل بلدة سلوان.

والمستوطنون وجمعيات تحمل اسم الهيكل المزعوم، تنظّم حملات اقتحام وتدنيس لباحات المسجد، وعندما يتحوّل الاقتحام إلى حدث يومي يضعه الفلسطينيون خلف ظهورهم ويفكّرون في القادم من محاذير.

هل يتحدّث أحد الآن عن أن الحرم الإبراهيمي في الخليل مقسّم، أم بات التقسيم أمراً واقعاً؟

المؤسسة الرسمية في الكيان، بما فيها الجيش والشرطة، تعمل بتناغم مطلق وكامل مع الجمعيات والمستوطنين، فالحفريات تحت الأقصى والبلدة القديمة مستمرة ليلاً ونهاراً، والجيش والشرطة يحميان الاقتحامات، ويقلّصان عدد الداخلين للقدس والمسجد الأقصى إلى أدنى عدد ممكن من العجائز.

لا يعرف واحد في المائة من سكان الأرض طبيعة الإجراءات التي يتّبعها الاحتلال على مداخل القدس، والإعلام المنشغل بالسيارات المفخخة بتحريضه وبالقنابل لا يذهب هناك، وحتى لو فعل فإن تكنولوجيا الصورة والصوت لن تستطيع نقل حقيقة القيود والإذلال والمهانة التي يتعرّض لها الفلسطينيون.

الآن يبدو جلياً أن مخطط تقسيم »الأقصى« تحوّل إلى بند على جدول أعمال »الكنيست«، ومثلما نجح تقسيم الحرم الإبراهيمي، ومثلما نجح تقسيم فلسطين في تهويدها كلّها، فإن تقسيم المسجد الأقصى مسألة وقت.

فالعرب والمسلمون، كونهم من أوائل مخترعي الرياضيات في التاريخ، تخلّوا عن الجمع وباتوا مغرمين بالتقسيم، بعد أن تحوّلوا إلى جدول ضرب.

Email