الطريق إلى المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

بادرت مؤسسة الرئاسة في مصر إلى تشكيل لجنة من كبار العلماء والمفكرين المصريين، الذين كانت لهم مساهماتهم في مشروعات كبرى خارج مصر، وذلك لتقديم مقترحاتهم في ما يتعلق بمسيرة مصر المستقبلية. وعبر الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل عن مشاعر الكثيرين بالدعوة، أخيراً، إلى لجنة أوسع نطاقاً تتألف من المفكرين المصريين، الذين يقدمون أفكاراً ومقترحات محددة، قابلة للتطبيق في خدمة مصر الغد.

هذه المبادرة وتلك الدعوة ونهر النقاش الذي دار في مصر، كل ذلك يعبر عن اهتمام النخبة في مصر، وحرصها على بلورة رؤية واضحة للمستقبل، وإدراكها أنها لا تملك رفاهية هدر الوقت، ولا سبيل أمامها إلى أن تضل الطريق الصحيح إلى المستقبل.

إن شعباً عاش ثورتين في ثلاث سنوات، من حقه أن يطالب نخبته بأن تكون على يقين من أنها تمضي في الطريق الصحيح إلى المستقبل. ولكننا نعرف أيضاً أن هذه النخبة لم تملك، في أي وقت من الأوقات، حصانة حقيقية من الخطأ الفادح، ومن هنا فإن المطالبة بضمان عدم الوقوع في الخطأ هي مطالبة في موضعها. لهذا، بالضبط، تعددت قراءات الشباب المصري في تجارب التحديث، على امتداد العالم.

وهناك زاد حقيقي في كتاب «سيرة فوكوزاوا يوكيتشي ومقدمة أعماله الكاملة» الذي شرفت بترجمته، وأصدره المجمع الثقافي في عام 2001، وأحسب أنه قد آن الأوان لإصدار طبعة جديدة منه.

رائد التحديث الياباني الكبير فوكوزاوا يوكيتشي يمضي بنا، على امتداد 528 صفحة، في الكشف عن أسرار تجربة التحديث اليابانية الأولى. وهو يشدد على الأهمية المطلقة لأمرين ما كان يمكن للتحديث الياباني أن يتم بغيرهما، وهما العلم وروح الاستقلال، ويقول لنا إنه بدون نقل هذين الأمرين إلى صميم ثقافة الأمم الراغبة في التحديث، فإن هذا التحديث سيظل بالنسبة لها حلماً بعيد المنال، ولن يكون بمقدورها أن تصبح أمة قوية وثرية وقادرة على منافسة غيرها من دول العالم.

أياً كانت لجان المفكرين التي ستشكلها مصر لارتياد الطريق إلى المستقبل، ففي اعتقادي أنها بحاجة إلى كل ما يمكن أن تستفيد منه مصر في الوصول إلى آلية عملية هائلة، تسهم في تطوير نسيج الحياة على أرضها.

فترقبوا هذه اللجان، لأنها الرائد الذي لا يكذب أهله.

Email