السيسي والبرلمان المقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

اجتازت مصر مرحلة الاستحقاق الرئاسي بسهولة وامتياز، ولم تكن هناك تخوفات أو شكوك، فقد كان الأمر محسوما بإرادة الشعب، والآن تستعد مصر للمرحلة المقبلة الهامة والأخطر في نظرنا، وهي الاستحقاق البرلماني. وخطورة هذه المرحلة أن البرلمان المقبل، وحسب الدستور الجديد، ستكون له صلاحيات غير مسبوقة، ستجعله شريكا فعليا في إدارة الدولة، إلى جانب مؤسسة الرئاسة التي لن يكون لها مطلق الحرية في إدارة البلاد مثلما كان من قبل.

صلاحيات البرلمان المقبل تجعلنا نتساءل حول القوى التي ستسيطر عليه وتحتل أغلبية مقاعده، ومدى انسجام وتوافق هذه القوى مع مؤسسة الرئاسة. وكلنا نعلم أن الرئيس السيسي أتى من المؤسسة العسكرية بإرادة وإجماع شعبي، وأنه لا يمثل توجها أو تيارا حزبيا، ولا ينتمي لجماعة أو قطاع سياسي محدد، والمؤسسة العسكرية التي ينتمي لها السيسي، ليس لها حق المشاركة في الانتخابات البرلمانية..

وبالتالي فإنه، ولأول مرة في تاريخ البرلمان المصري، لن يكون هناك ما يسمى حزب السلطة، ومن الصعب بلورة تيار سياسي أو حزبي يخوض الانتخابات المقبلة قريبا تحت مسمى «حزب الرئاسة»، خاصة وأن كافة الأحزاب التي أيدت السيسي في انتخابات الرئاسة، ستدخل في منافسة قوية بينها على مقاعد البرلمان، وهذه الأحزاب في مجموعها، ليست لها قواعد شعبية كبيرة..

كما أن بنيتها التنظيمية ضعيفة، والأخطر في الأمر أن التكتلات الحزبية والسياسية الدينية هي الأقوى تنظيماً على الساحة والأقدر على الحشد، ولديها القدرة على اكتساح الانتخابات البرلمانية التي لا يتوقع إقبال جماهيري كبير عليها..

وسوف تشارك هذه الأحزاب والتكتلات الدينية في الانتخابات بنظاميها الفردي والقوائم، وليس فقط حزب النور السلفي، بل أيضا جماعة الإخوان المحظورة، والتي يمكنها خوض الانتخابات بالنظام الفردي المستقل، وربما أيضا من خلال قوائم لقوى حزبية أخرى تسعى للاستفادة من القاعدة الشعبية والتنظيمية للإخوان.

الثورة الشعبية في مصر ركزت اهتمامها كله على الدستور والرئاسة، لكن الوقت لم يسعفها لتشكيل تكتلات سياسية وحزبية قادرة على المنافسة في الانتخابات البرلمانية، والجماعات والأحزاب الدينية تعلم ذلك، ولن تفوت الفرصة، وإذا لم تتدارك القوى السياسية المؤيدة للثورة وللرئيس السيسي، الأمر بسرعة في الأيام المقبلة، وتشكل مع بعضها جبهة موحدة تخوض بها الانتخابات، فإن الأمر سيكون غاية في الخطورة، عندما يكون «الرئيس السيسي أمام البرلمان الديني».

 

Email