مصر بحاجة لنخبة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد انتهاء الاستحقاق الرئاسي تبدأ مصر مرحلة جديدة في تاريخها، مرحلة صعبة على كل الصعد، أمنياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وأيضاً فكرياً.

وعلينا أن نعترف أن النخبة الموجودة على الساحة، سياسياً وإعلامياً، هرمة فكرياً، وهي النخبة التي احتكرت الساحة طيلة أربعة عقود مضت، ولم تقدم أي شيء سوى تكريس الأنظمة الحاكمة، والدق على طبولها، هذه النخبة لم تعد تصلح للمرحلة المقبلة، وذلك لسبب واضح، وهو أن النظام مختلف، وأيضاً الشعب المصري مختلف عما قبل.

لقد كان واضحاً أن النخبة السياسية والإعلامية لم يكن لها دور إيجابي ملحوظ في تحريك الشارع المصري، وانتفاضته في 25 يناير أو في 30 يونيو، بل على العكس، كانت تبدو في معظمها في البداية مترددة، وضد إرادة الشعب.

وكانت دائما لآخر اللحظات منحازة إلى جانب النظام، وأمامنا نماذج من هذه النخبة ما زالت ميولها واضحة لنظام الإخوان، الذي سقط وذهب إلى السجون، رغم عدم انتمائهم له، وما زالوا يغازلون من بعيد هذا النظام، رغم يقينهم بعدم عودته، ربما طمعاً منهم في إثارة اهتمام النظام القادم بهم.

وربما طمعاً في رضى الجهات الأجنبية التي تدعم الإخوان، خاصة واشنطن، أما الذين يلتفون حول النظام الجديد، ويرسمون حوله الهالات المقدسة، فهؤلاء أكثر ضرراً من غيرهم، مثل هذه النخبة في الواقع لا تعكس ولا تلبي متطلبات المرحلة، ولا يتوقع منها في الفترة المقبلة سوى المزيد من التزلف والنفاق والهرولة نحو السلطة، طمعاً في المنصب والامتيازات.

وهذا الأمر سيكون له بالغ الأثر السيئ على الشارع المصري، الذي لم يعد يحتمل الصبر كثيراً إلا إذا شاهد مؤشرات تغيير واقعية، وليس مجرد شعارات وحوارات منمقة على الفضائيات تلوكها النخبة المنافقة.

 السنوات الثلاث الماضية أفرزت لمصر جيلاً جديداً من الرجال والنساء والشباب، وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي، وهذا الجيل يختلف جذرياً عن الأجيال السابقة، يكفيه أنه مفعم بروح الثورة، والتغيير، وحب الوطن بصدق، ومن دون أطماع ومصالح شخصية أو فئوية أو حزبية، وهذا الجيل يجب أن يتولى مهمة تكوين نخبة جديدة سياسية وإعلامية تعبر بصدق وواقعية عن المرحلة.

الرئيس السيسي يستوعب جيداً مشكلة النخبة المصرية ومدى صعوبتها، لكنه لن يستطيع في البداية حل هذه المشكلة خشية الصدام، وأيضاً في ظل غياب المؤسسات، ومصر التي أتت برجل المرحلة للقيادة، بحاجة لأن تفرز نخبة سياسية وإعلامية، تلبي متطلبات المرحلة.

 

Email