مصر إلى الجهاد الأكبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

اجتازت مصر استحقاق انتخابات الرئاسة بجدارة وتفوق مبهر للجميع، واختار الشعب المصري بإرادته المستقلة رجل المرحلة الحاسمة في تاريخ مصر، وكان عرساً حقيقياً للديمقراطية بجميع المقاييس.

وإذا كان الشكر واجباً للشعب المصري، الذي لبى النداء كعادته من أجل الوطن، فإن الشكر هنا أيضاً واجب للصديق العزيز، حمدين صباحي، الذي كان له دور كبير في نجاح هذا العرس الديمقراطي التاريخي، بصموده وتصميمه على خوض انتخابات أمام منافس، يحظى بشعبية كاسحة. ولم يكن حمدين، كما يدعي البعض، مجرد ديكور في تمثيلية، بل كان مرشحاً قوياً وموضوعياً ومنطقياً إلى حد كبير، في طرحه لنفسه ولبرنامجه الانتخابي، ويكفينا أننا كنا أمام مرشحين كلاهما يمثل الثورة المصرية. الآن تنطلق مصر بالفعل إلى الجهاد الأكبر، وهو التنمية والبناء وتحقيق الأمن والاستقرار.

وعلى الجميع تناسي كل السلبيات والهفوات والملاسنات، التي وقعت أثناء حملة انتخابات الرئاسة، وهي في الواقع لم تكن كثيرة، ولا فعالة في أي شيء، ولا أعتقد أنها ستترك أية آثار لدى أحد، خاصة أن مرحلة الجهاد الأكبر لن تسمح بذلك. وأتوجه هنا بنداء ورجاء خاص إلى الإعلام المصري بالتحديد، باعتباره، في رأيي الخاص، لم يكن على المستوى المطلوب أثناء حملات انتخابات الرئاسة، خاصة الفضائيات.. رجائي إلى هذا الإعلام، أن يرتفع بنفسه إلى مستوى الأحداث في المرحلة المقبلة، وأن يكون إعلام تجميع لا تفريق، وتشجيع لا تشكيك.

رئيس مصر الجديد ليس ساحراً ولا شخصاً ذا قدرات خارقة، بل هو مواطن مصري صادق في وطنيته، ويتمنى لمصر الكثير والكثير، ولن يدخر جهداً في سعيه لتحقيق هذه الأمنيات، لكن الدور الأساسي في مرحلة الجهاد الأكبر، يقع على الشعب المصري نفسه ومدى استجابته لنداء البناء والتنمية، ومدى قناعته بأن مصر لن تنهض بتحقيق المطالب الفئوية، بل بالعمل الدؤوب من الجميع من أجل الجميع. علينا أن نتنازل مؤقتاً عن مصالحنا الفئوية وعن نزعاتنا ومصالحنا الشخصية، وأن نعمل جميعاً وبصدق من أجل الوطن، وعلينا أن نعطي الفرصة الكافية تماماً للقيادة الجديدة لكي تعمل في هدوء، ومن دون توتر وقلق وخوف من الشارع، الذي لم يهدأ خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

الثقة الكبيرة التي أعطاها الشعب للرئيس الجديد، تمنحه الحق الكامل في العمل بثقة وهدوء تام، وأيضاً تعطيه الحق في العمل بحزم وبقوة من أجل مصلحة الوطن، التي هي فوق أية مصالح أخرى.

 

Email