مصر المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين تابعوا، بحب وتعاطف، المقابلات التلفزيونية التي أجريت أخيراً مع المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية في مصر، لا بد أنهم قد لاحظوا أنه من خلال ردود المرشحين على الأسئلة التي وجهت إليهما، تبرز رؤية تتسم بحد أدنى من الوضوح لمصر المستقبل.

حقاً إننا لا نزال نرصد بعض الغموض في سبل وأدوات تنفيذ عملية الانتقال إلى ذلك المستقبل، لكن من الواضح أن مقومات الإرادة السياسية في ما يتعلق بمصر المستقبل تجتمع، وتحتشد، تمهيداً لانطلاق هادر، تعد الانتخابات ذاتها إشارة البداية فيه.

في الرؤية المتعلقة بمصر المستقبل، فإن السمة الأولى التي نلمحها هي تلك المتصلة بالأمن القومي، فهي أولوية مطلقة ليس لدى المرشحين وحدهما، وإنما لدى القوى السياسية على اختلافها في مصر، ذلك أنه للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث تلوح نذر الخطر على كل حدودها، الأمر الذي يقتضي إعطاء أولوية مطلقة لتأمين هذه الحدود جميعها.

إذا كان الإجماع يسود على أن مصر تواجه مشكلات اقتصادية حقيقية، فإن الاشتغال على معالجة هذه المشكلات لا يمكن إلا أن يبدأ بحل كل المشكلات الأمنية في الشارع المصري، فليس مقبولاً أن يتواصل مسلسل الانفجارات وعمليات الاغتيال وقطع الطرق في بلد يتصدى لعملية إعادة بناء شاملة.

هنا تبدو ضرورة حسم التمييز بين الحق في التعبير عن الرأي، وبين النزوع لإطلاق العنان للفوضى والدمار والتخريب، ومن هنا يأتي الحديث عن تعديل قانون التظاهر بما يتيح للقوى الوطنية التعبير عن آرائها، ويقطع في الوقت نفسه الطريق على المخربين الذين يعتمدون الإرهاب أداة للحركة السياسية. يلفت نظرنا في طروحات المرشحين للرئاسة، أن أي طرح للوعود الانتخابية من جانبهما كان يقابل، على الفور تقريباً، بالسؤال المنطقي: ما هي المصادر التي تعتزم من خلالها تحقيق هذه الوعود؟

وهذا السؤال يعكس في المقام الأول وعياً بالوضعية الدقيقة التي تجد مصر نفسها فيها، وحرصاً على تحقيق رؤية واضحة لسبل الخروج من هذه الوضعية.

ونتوقف أيضاً عند تحديد المرشح عبد الفتاح السيسي لفترة العامين، باعتبارها النطاق الزمني الذي سيبدأ المصريون بعده في الشعور بتحسن في حياتهم. في المقابل، أثارت الوعود الانتخابية للمرشح حمدين صباحي التساؤلات عن إمكانية تحقيق هذه الوعود على أرض الواقع.

غير أنه في كل الأحوال، يطل في غمار هذه المناقشات تكامل لعناصر الإرادة السياسية، التي ستدفع مصر المستقبل إلى طريق الانطلاق نحو إعادة البناء التي نتمناها جميعاً.

Email