«جبهة النصرة» الأوكرانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أن نظام حكم الرئيس الأوكراني "المعزول" فيكتور يانكوفتش عليه تحفظات كثيرة، وكان محل انتقادات حتى من موسكو التي كانت تدعمه، إلا أنه نظام منتخب بشكل ديمقراطي نزيه، بشهادة خصومه في الانتخابات، كما أن أوكرانيا دولة ديمقراطية يتداول فيها الحكم بالانتخابات، وحكمها على مدى العقدين الماضيين أربعة رؤساء.
 

وبالتالي فهي تختلف كثيرا عن دول الربيع العربي، وحتى عن جيرانها من دول وسط آسيا، ورغم هذا تم عزل الرئيس يانكوفتش السبت الماضي، بطريقة غير دستورية من قبل البرلمان وتحت ضغوط قوية من المعارضة المسلحة، والتي قامت بالاعتداء على العديد من مؤسسات الدولة، وتسببت في مقتل أكثر من ثمانين شخصا وجرح المئات في غضون أيام قليلة.

لقد احتشدت المعارضة بأحزابها الثلاثة في الميدان ضد الرئيس، ثم جلست معه الجمعة الماضية ووضعوا اتفاق تسوية وافق فيه الرئيس على كافة شروطهم، ثم نقضوا الاتفاق في اليوم التالي. ومن المعروف أن المعارضة الأوكرانية قوية ولها وجودها الفعال "سياسيا" في الشارع، ويقودها سياسيون محنكون معروفون وذوو خبرة عالية، ولكن لماذا اللجوء إلى العنف واستخدام السلاح؟

الرئيس المعزول يانكوفتش له أنصار كثيرون في الشارع، يشكلون أكثر من ثلثي سكان أوكرانيا البالغ عددهم نحو 46 مليون نسمة، وإن لم يكونوا أنصاره هو شخصيا، فهم أنصار توجه نظامه نحو روسيا ورفض التوجه نحو الاتحاد الأوروبي، وهؤلاء يسكنون الجزء الأكبر من أوكرانيا مساحة واقتصادا، في الشرق والجنوب، وهم غاضبون وثائرون الآن بسبب عزل الرئيس بأسلوب همجي غير دستوري..

ويرفضون الشراكة الأوروبية التي لن تجلب لهم سوى المزيد من الفقر. المعارضة المدعومة من أوروبا وواشنطن، والتي يسكن معظمها الجزء الغربي من أوكرانيا، استخدمت القوة والعنف والسلاح بدعم وتأييد خارجي، وذكرت أنباء وجود المئات من المسلحين وسط المتظاهرين، وجهوا نيرانهم نحو رجال الأمن، ورغم هذا تعالت أصوات الأوروبيين والأميركيين تندد باستخدام السلطة للقمع والعنف مع المتظاهرين، بينما تؤكد موسكو وجود متطرفين مسلحين كثيرين في ميادين كييف.

لقد أصبح الإرهاب المسلح هو الأداة والوسيلة الرئيسية لفرض إرادة القوى الغربية على الدول والمجتمعات الأخرى، ومخطط التقسيم المعد في الغرب ليس قاصرا على الدول العربية فقط، بل يمتد إلى دول أخرى، خاصة روسيا ومن حولها، وأوكرانيا الآن معرضة للانفجار داخليا بعد أن دخلتها الجماعات المتطرفة المسلحة، خاصة وأن الجزأين الغربي والشرقي منها يختلفان في كل شيء، حتى في العقيدة الدينية، فهناك قلة كاثوليكية في الغرب، بينما الشرق والجنوب تسكنه أغلبية من الأرثوذكس، ولهذا لا نستبعد وقوع حرب طائفية تستهدف وحدة أوكرانيا، ويمكن أن نسمع قريبا عن تنظيم "جبهة نصرة" كاثوليكي في أوكرانيا، على غرار الذي اخترعوه في بلداننا العربية.

Email