مصر ومنعطف انتخابات الرئاسة

على ما يبدو، فإن مصر على وشك الدخول، أو دخلت بالفعل، في منعطف خطير، نتمنى أن تخرج منه بسلام، وهو انتخابات الرئاسة القادمة. وأكاد أشم رائحة سيناريوهات سيئة تم إعدادها على مستوى عالٍ في الخارج والداخل، ولا أستبعد أن تكون هناك سيناريوهات لشق الصف الثوري، مع حشد لباقي القوى المضادة من جماعة الإخوان المسلمين ومختلف التيارات ذات الصبغة الدينية مع الجزء المنشق، لتكوين جبهة كبيرة تخوض الانتخابات خلف مرشح، ومن باب التمويه، لن يكون من الإخوان ولا من المحسوبين عليهم.

وأنا لا أقصد هنا مرشحاً بعينه، لا حمدين ولا عنان ولا غيرهما، لكنني أخشى بالفعل من وجود مثل هذا السيناريو الذي سيؤدي إلى كارثة كبرى، سواء فاز المشير السيسي أو فاز هذا المرشح. ولا يجب أن يتصور البعض أن هذا الأمر مستحيل أمام الشعبية الكاسحة للمشير السيسي، فالشعبية شيء والقدرة التنظيمية على الحشد في الانتخابات شيء آخر تماماً، ولا ننسى أن هناك كثيرين موالين للإخوان والتيارات الإسلامية في مختلف القطاعات، وحتى التيارات السياسية الليبرالية والعلمانية والقومية وغيرها، ليس كل من فيها مع السيسي.

في حالة فوز هذا المرشح المجهول، وهو الاحتمال الأضعف، فإن الشارع المصري سينفجر، وسيكون انفجاره خطيراً وبلا حدود، أما في حالة فوز المشير السيسي، وهو الاحتمال الأكبر توقعاً، فسيحصل المرشح المنافس على نسبة كبيرة من الأصوات، يمكن بها التشكيك في نزاهة الانتخابات والطعن بتزويرها، وهنا، سينفجر الشارع أيضاً، وحينذاك سيختلط الحابل بالنابل، ولن يكون الأمر حينذاك ..

كما هو الآن بين الثورة والإخوان، بل سيكون بين فريق المرشح الفائز، وفريق المرشح الخاسر الذي سيضم بجانب الإخوان وحلفائهم مجموعات من التيارات الأخرى التي كانت مع الثورة. هذا السيناريو ليس خيالياً، بل مؤشراته بدأت منذ أيام، فقد انسحب المرشح الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح من المعركة، معلناً مسبقاً أن الانتخابات سيتم تزويرها، بينما لم يعلن السلفيون موقفهم حتى الآن، وعلى الجبهة الأخرى، بدأت الانقسامات تظهر وتتصاعد داخل حركة تمرد والتيار الشعبي، ومن المتوقع المزيد حتى موعد الانتخابات.

ما يجعلني أتوجس خيفة من هذا السيناريو المرعب، أن القوى المضادة لمصر في الخارج، ما زالت على مواقفها، لم تتراجع عنها، سواء في واشنطن أو أنقرة أو غيرها، وتوجه مصر نحو روسيا سوف يزيد من شراسة هذه القوى المضادة، التي لن تترك معركة الانتخابات الرئاسية القادمة تمر بهدوء، وستبذل كل ما تستطيع من أموال وإمكانات داخلية وخارجية، فهي الأمل الأخير لهم لتفجير مصر من الداخل، ولو تحقق لهم ما أرادوا وانفجر الموقف، فسيسعون لإبطال اتهام جماعة الإخوان بالإرهاب، وسيحيلون أصابع الاتهام للجهة الأخرى.

إذا حدث هذا، لا قدَّرَ الله، ستدخل مصر في المستنقع المجهول.

الأكثر مشاركة