رهان الوقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا جديد في أفق جولةالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتي كلفت الإدارة الأميركية عشر زيارات مكوكية قام بها جون كيري للمنطقة. لا جديد سوى الوقت والمزيد منه مما تحتاج له الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لاستكمال رؤيتها للوضع النهائي لما بات يسمى أراض فلسطينية ممهورة بكلمة محتلة أحياناً وخالية منها غالباً. لا جديد سوى استثمار هذا العامل لصالح المشروع الاستيطاني الصهيوني بمداه الاستراتيجي،الذي يكاد يردد عبارة: " قل ما شئت وأنا أفعل ما أشاء".

لا جديد في محاولات الإدارة الأميركية الضغط على الجانب الفلسطيني لمواصلة المفاوضات لفترة زمنية جديدة بعد أن شارفت على الانتهاء مهلة الشهور التسعة والتي وافق الفلسطينيون بموجبها على تجميد توجههم للمؤسسات الدولية لمدة 9 أشهر هي فترة المفاوضات، مقابل إفراج إسرائيل عن 104 من قدامى المعتقلين الفلسطينيين لديها.

لا جديد في ما دأبت عليه القيادة الفلسطينية بصم آذانها أمام الدعوات المتكررة إلى إعادة الاعتبار لمقولات مثل المراجعة وإعادة الحسابات التي من شأنها أن تستجيب إلى ضرورة تاريخية ملحة فيما يتعلق بما آلت إليه أوضاع الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية بالعودة وتقرير المصير وبناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس، ولا جديد أيضاً في تماهي هذه القيادة مع سلوكيات الهرب إلى أمام غير منظور.

لا جديد في محاولات البحث عن مخارج واهية في نفق مسدود عبر الحديث عن إحياء مبادرة السلام العربية بوصفها مظلة يمكن من خلالها إضفاء شرعية ما على ما تم التفاهم حوله أو ربما الاتفاق عليه بين طرفي أطول صراع في التاريخ في مشهد يصبح فيه الوهم سيداً في تكراره وفي منطق الأشياء الذي يشي بأن التفاهمات الجديدة، التي أراد لها جون كيري أن تبقى سرية الطابع، تجب كل ما سبقها من اتفاقات ومبادرات وقرارات.

لا جديد إذا قيل أن إطلاق الحديث عن إحياء المبادرة العربية لا يمكن فهمه إلا في سياق مظلة لتبرير وتمرير فترة جديدة من المفاوضات العبثية في ظل حسابات يشي باعوجاجها وخروجها عن المسار الفلسطيني الوطني ميزان القوى الراجح بقوة لصالح إسرائيل، التي تجد نفسها في وضع أكثر من مريح في ظل حالة الانكفاء نحو الداخل التي تمر بها مختلف البلدان العربية، التي أدارت تل أبيب ظهرها لمبادرتها، فما المستجد الذي من شأنه أن يكسر جبروت الكيان المارق ويجبر قادته على تقديم أي نوع من التنازلات لصالح حقوق الشعب الفلسطيني.

لا جديد إذا قيل أن تمديد مهلة المفاوضات محاولة بائسة لتأجيل حركة التاريخ التي تنبئ بأن الحلول الترقيعية المؤقتة والحركات الالتفافية في الثوابت التاريخية لن تنطلي على أحد.

Email